في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَدۡ عَلِمۡنَا مَا تَنقُصُ ٱلۡأَرۡضُ مِنۡهُمۡۖ وَعِندَنَا كِتَٰبٌ حَفِيظُۢ} (4)

1

والتعقيب يعمق هذه اللمسة ويقوي وقعها ؛ وهو يصور الأرض تأكل منهم شيئا فشيئا :

( قد علمنا ما تنقص الأرض منهم ، وعندنا كتاب حفيظ ) . .

لكأنما التعبير يجسم حركة الأرض ويحييها وهي تذيب أجسادهم المغيبة فيها ، وتأكلها رويدا رويدا . ويصور أجسادهم وهي تتآكل باطراد وتبلى . ليقول : إن الله يعلم ما تأكله الأرض من أجسادهم ، وهو مسجل في كتاب حفيظ ؛ فهم لا يذهبون ضياعا إذا ماتوا وكانوا ترابا . أما إعادة الحياة إلى هذا التراب ، فقد حدثت من قبل ، وهي تحدث من حولهم في عمليات الإحياء المتجددة التي لا تنتهي .

وهكذا تتوالى اللمسات التي تذيب القلوب وترققها ، وتدعها حساسة متوفزة جيدة الاستقبال . وذلك قبل البدء في الهجوم على القضية ذاتها !

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{قَدۡ عَلِمۡنَا مَا تَنقُصُ ٱلۡأَرۡضُ مِنۡهُمۡۖ وَعِندَنَا كِتَٰبٌ حَفِيظُۢ} (4)

ما تنقص الأرض : ما تبليه الأرض من الأجسام بعد الموت .

حفيظ : حافظ لتفاصيل الأشياء كلها .

ثم أشار الله تعالى إلى دليل جوازِ البعث وقدرته تعالى عليه فقال :

{ قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الأرض مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ } .

قد علمنا ما تأكلُ الأرض من أجسامهم بعد الموت وتُبليهم ، ولا يخفى علينا أين تفرقت الأبدان ، وإلى أين صارت ، فلا يصعُب علينا بعثُهم من جديد ، وعندنا كتابٌ حافظٌ لتفاصيل الأشياء كلها .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَدۡ عَلِمۡنَا مَا تَنقُصُ ٱلۡأَرۡضُ مِنۡهُمۡۖ وَعِندَنَا كِتَٰبٌ حَفِيظُۢ} (4)

الذي يعلم ما تنقص الأرض من أجسادهم مدة مقامهم في برزخهم ، وقد أحصى في كتابه الذي هو عنده محفوظ عن التغيير والتبديل ، كل ما يجري عليهم في حياتهم ، ومماتهم ، وهذا الاستدلال ، بكمال علمه ، وسعته التي لا يحيط بها إلا هو ، على قدرته على إحياء الموتى .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{قَدۡ عَلِمۡنَا مَا تَنقُصُ ٱلۡأَرۡضُ مِنۡهُمۡۖ وَعِندَنَا كِتَٰبٌ حَفِيظُۢ} (4)

" قد علمنا ما تنقص الأرض منهم " أي ما تأكل من أجسادهم فلا يضل عنا شيء حتى تتعذر علينا الإعادة . وفي التنزيل : " قال فما بال القرون الأولى قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى{[14145]} " [ طه : 51 ] . وفي الصحيح : ( كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب منه خلق وفيه يركب ) وقد تقدم . وثبت أن لأنبياء والأولياء والشهداء لا تأكل الأرض أجسادهم ، حرم الله على الأرض أن تأكل أجسادهم . وقد بينا هذا في كتاب " التذكرة " وتقدم أيضا في هذا الكتاب . وقال السدي : النقص هنا الموت يقول قد علمنا منهم من يموت ومن يبقى ؛ لأن من مات دفن فكأن الأرض تنقص من الناس . وعن ابن عباس :هو من يدخل في الإسلام من المشركين . " وعندنا كتاب حفيظ " أي بعدتهم وأسمائهم ، فهو فعيل بمعنى فاعل . وقيل : اللوح المحفوظ أي محفوظ من الشياطين أو محفوظ فيه كل شيء . وقيل : الكتاب عبارة عن العلم والإحصاء ، كما تقول : كتبت عليك هذا أي حفظته ، وهذا ترك الظاهر من غير ضرورة . وقيل : أي وعندنا كتاب حفيظ لأعمال بني آدم لنحاسبهم عليها .


[14145]:راجع جـ 11 ص 205.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{قَدۡ عَلِمۡنَا مَا تَنقُصُ ٱلۡأَرۡضُ مِنۡهُمۡۖ وَعِندَنَا كِتَٰبٌ حَفِيظُۢ} (4)

{ قد علمنا ما تنقص الأرض منهم } هذا رد على الكفار في إنكارهم للبعث معناه قد علمنا ما تنقص الأرض منهم من لحومهم وعظامهم فلا يصعب علينا بعثهم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل جسد ابن آدم تأكله الأرض إلا عجب الذنب منه خلق وفيه يركب " وقيل : المعنى قد علمنا ما يحصل في بطن الأرض من موتاهم والأول قول ابن عباس والجمهور وهو أظهر .

{ وعندنا كتاب حفيظ } يعني : اللوح المحفوظ ومعنى حفيظ : جامع لا يشذ عنه شيء ، وقيل : معناه محفوظ من التغيير والتبديل .