في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّا سَنُلۡقِي عَلَيۡكَ قَوۡلٗا ثَقِيلًا} (5)

( إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا ) . .

هو هذا القرآن وما وراءه من التكليف . . والقرآن في مبناه ليس ثقيلا فهو ميسر للذكر . ولكنه ثقيل في ميزان الحق ، ثقيل في أثره في القلب : ( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله )فأنزله الله على قلب أثبت من الجبل يتلقاه . .

وإن تلقي هذا الفيض من النور والمعرفة واستيعابه ، لثقيل ، يحتاج إلى استعداد طويل .

وإن التعامل مع الحقائق الكونية الكبرى المجردة ، لثقيل ، يحتاج إلى استعداد طويل .

وإن الإتصال بالملأ الأعلى وبروح الوجود وأرواح الخلائق الحية والجامدة على النحو الذي تهيأ لرسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] لثقيل ، يحتاج إلى استعداد طويل .

وإن الاستقامة على هذا الأمر بلا تردد ولا ارتياب ، ولا تلفت هنا أو هناك وراء الهواتف والجواذب والمعوقات ، لثقيل ، يحتاج إلى استعداد طويل .

وإن قيام الليل والناس نيام ، والانقطاع عن غبش الحياة اليومية وسفسافها ؛ والإتصال بالله ، وتلقي فيضه ونوره ، والأنس بالوحدة معه والخلوة إليه ، وترتيل القرآن والكون ساكن ، وكأنما هو يتنزل من الملأ الأعلى وتتجاوب به أرجاء الوجود في لحظة الترتيل بلا لفظ بشري ولا عبارة ؛ واستقبال إشعاعاته وإيحاءاته وإيقاعاته في الليل الساجي . . إن هذا كله هو الزاد لاحتمال القول الثقيل ، والعبء الباهظ والجهد المرير الذي ينتظر الرسول وينتظر من يدعو بهذه الدعوة في كل جيل ! وينير القلب في الطريق الشاق الطويل ، ويعصمه من وسوسة الشيطان ، ومن التيه في الظلمات الحافة بهذا الطريق المنير .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{إِنَّا سَنُلۡقِي عَلَيۡكَ قَوۡلٗا ثَقِيلًا} (5)

قولاً ثقيلا : الوحي وما فيه من كلام عظيم وتكاليف شاقة .

ثم أخبره تعالى بأنه سيُلقي عليه قرآناً عظيماً فيه تكاليفُ شاقة على المكلَّفين ، فاستعدَّ لهذا الأمر يا محمد .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّا سَنُلۡقِي عَلَيۡكَ قَوۡلٗا ثَقِيلًا} (5)

فإنه قال : { إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا } أي : نوحي إليك هذا القرآن الثقيل ، أي : العظيمة معانيه ، الجليلة أوصافه ، وما كان بهذا الوصف ، حقيق أن يتهيأ له ، ويرتل ، ويتفكر فيما يشتمل عليه .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{إِنَّا سَنُلۡقِي عَلَيۡكَ قَوۡلٗا ثَقِيلًا} (5)

{ قولا ثقيلا } رصينا رزينا ليس بالسفساف والخفيف لأنه كلام الله

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{إِنَّا سَنُلۡقِي عَلَيۡكَ قَوۡلٗا ثَقِيلًا} (5)

قوله : { إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا } المراد بالقول هنا القرآن . وفي تأويل ثقله وجهان : الوجه الأول : أنه ثقيل وقت نزوله وذلك بسبب عظمته . فقد ذكر عن زيد بن ثابت ( رضي الله عنه ) أنه قال : " أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفخذه على فخدي فكادت ترضّ فخدي " .

وروى الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا رسول الله ! هل تحس بالوحي ؟ ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أسمع صلاصل ثم أسكت عند ذلك فما من مرة يوحى إلي إلا ظننت أن نفسي تقبض " .

وقالت عائشة ( رضي اله عنها ) : ولقد رأيته ينزل عليه الوحي صلى الله عليه وسلم في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وجبينه ليتفصّد عرقا .

وروى الإمام أحمد عن عائشة ( رضي الله عنها ) قالت : إن كان ليوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على راحلته فتضرب بجرانها . أي بصدرها . وفي رواية عن عروة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوحي إليه وهو على ناقته وضعت جرانها فما تستطيع أن تتحرك حتى يسرّى عنه . وجرانها يعني صدرها ، إذ تضعه على الأرض من فرط الثقل .

الوجه الثاني : أن المراد بثقل القرآن ، العمل به . أي العمل بما يقتضيه من الأحكام والحدود والشرائع والفرائض . فهو في ذلك كله ثقيل لا يحتمله إلا المؤمنون المتقون الذين لا يرتضون عن دين الله وشرعه ومنهاجه أي بديل . يحتمله المؤمنون الذين آمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وآمنوا بقضاء الله وقدره خيرهما وشرهما .

أما غير هؤلاء من المشركين والمرتابين والخائرين والمنافقين فإنه يثقل عليهم العمل بما في القرآن من أحكام وفروض وحدود .

ويضاف إلى ذلك كله ثقل الدعوة إلى دين الله ، ومنبعه القرآن . لا جرم أن الدعوة إلى التزام أحكام الإسلام وما حواه القرآن من المبادئ والأخلاق وقواعد الشريعة وأحكامها لهو أمر ثقيل ، لما يواجه ذلك في الغالب من الصدود والجحود والعدوان من أكثر الناس . إن الدعوة إلى دين الإسلام وما تضمنه القرآن من منهج للحياة ليس بالأمر السهل اليسير ، بل إنه ثقيل عسير لا يطيقه إلا الصابرون الراسخون في الإيمان من المسلمين .