في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{مَّا يَلۡفِظُ مِن قَوۡلٍ إِلَّا لَدَيۡهِ رَقِيبٌ عَتِيدٞ} (18)

16

ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) . أي رقيب حاضر ، لا كما يتبادر إلى الأذهان أن اسمي الملكين رقيب ، وعتيد !

ونحن لا ندري كيف يسجلان . ولا داعي للتخيلات التي لا تقوم على أساس . فموقفنا بإزاء هذه الغيبيات أن نتلقاها كما هي ، ونؤمن بمدلولها دون البحث في كيفيتها ، التي لا تفيدنا معرفتها في شيء . فضلا على أنها غير داخلة في حدود تجاربنا ولا معارفنا البشرية .

ولقد عرفنا نحن - في حدود علمنا البشري الظاهر - وسائل للتسجيل لم تكن تخطر لأجدادنا على بال . وهي تسجل الحركة والنبرة كالأشرطة الناطقة وأشرطة السينما وأشرطة التليفزيون . وهذا كله في محيطنا نحن البشر . فلا داعي من باب أولى أن نقيد الملائكة بطريقة تسجيل معينة مستمدة من تصوراتنا البشرية المحدودة ، البعيدة نهائيا عن ذلك العالم المجهول لنا ، والذي لا نعرف عنه إلا ما يخبرنا به الله . بلا زيادة !

وحسبنا أن نعيش في ظلال هذه الحقيقة المصورة ، وأن نستشعر ونحن نهم بأية حركة وبأية كلمة أن عن يميننا وعن شمالنا من يسجل علينا الكلمة والحركة ؛ لتكون في سجل حسابنا ، بين يدي الله الذي لا يضيع عنده فتيل ولا قطمير .

حسبنا أن نعيش في ظل هذه الحقيقة الرهيبة . وهي حقيقة . ولو لم ندرك نحن كيفيتها . وهي كائنة في صورة ما من الصور ، ولا مفر من وجودها ، وقد أنبأنا الله بها لنحسب حسابها . لا لننفق الجهد عبثا في معرفة كيفيتها !

والذين انتفعوا بهذا القرآن ، وبتوجيهات رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] الخاصة بحقائق القرآن ، كان هذا سبيلهم : أن يشعروا ، وأن يعلموا وفق ما شعروا . .

قال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا محمد بن عمرو بن علقمة الليثي عن أبيه عن جده علقمة ، عن بلال بن الحارث المزني - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] : " إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ، ما يظن أن تبلغ ما بلغت ، يكتب الله عز وجل له بها رضوانه إلى يوم يلقاه . وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت ، يكتب الله تعالى عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه " . . قال : فكان علقمة يقول : كم من كلام قد منعنيه حديث بلال بن الحارث . [ ورواه الترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث محمد بن عمرو به وقال الترمذي : حسن صحيح ] .

وحكي عن الإمام أحمد أنه كان في سكرات الموت يئن . فسمع أن الأنين يكتب . فسكت حتى فاضت روحه رضوان الله عليه .

وهكذا كان أولئك الرجال يتلقون هذه الحقيقة فيعيشون بها في يقين .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{مَّا يَلۡفِظُ مِن قَوۡلٍ إِلَّا لَدَيۡهِ رَقِيبٌ عَتِيدٞ} (18)

رقيب : مراقب .

عتيد : مهيأ ، حاضر .

وكل شيء مسجَّلٌ عليه تسجيلاً دقيقا .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{مَّا يَلۡفِظُ مِن قَوۡلٍ إِلَّا لَدَيۡهِ رَقِيبٌ عَتِيدٞ} (18)

{ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ } خير أو شر { إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } أي : مراقب له ، حاضر لحاله ، كما قال تعالى : { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ }

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{مَّا يَلۡفِظُ مِن قَوۡلٍ إِلَّا لَدَيۡهِ رَقِيبٌ عَتِيدٞ} (18)

{ ما يلفظ } يتكلم { من قول إلا لديه رقيب } حافظ { عتيد } حاضر

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{مَّا يَلۡفِظُ مِن قَوۡلٍ إِلَّا لَدَيۡهِ رَقِيبٌ عَتِيدٞ} (18)

ولما كانت الأفعال اللسانية والقلبية والبدنية ناشئة عن كلام النفس ، فكان الكلام جامعاً ، قال مبيناً لإحاطة علمه بإحاطة من أقامه لحفظ هذا الخلق الجامع في جواب من كأنه قال : ما يفعل المتلقيان : { ما يلفظ } أي يرمي ويخرج المكلف من فيه ، وعم في النفي بقوله : { من قول } أي مما تقدم النهي عنه في الحجرات من الغيبة وما قبلها وغير ذلك {[61158]}قل أو جل{[61159]} { إلا لديه } أي الإنسان أو القول على هيئة من القدرة والعظمة هي من أغرب المستغرب { رقيب } من حفظتنا شديد المراعاة له في كل من أحواله { عتيد * } أي حاضر مراقب غير غافل بوجه ، روى البغوي{[61160]} بسنده من طريق الثعلبي عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كاتب الحسنات على يمين الرجل ، وكاتب السيئات على يسار الرجل ، وكاتب الحسنات أمير على كاتب السيئات ، فإذا عمل حسنة كتبها صاحب اليمين عشراً ، وإذا عمل سيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال : دعه سبع ساعات لعله يسبح {[61161]}أو يستغفر{[61162]} " .


[61158]:في مد: جل أو قل.
[61159]:في مد: جل أو قل.
[61160]:راجع معالم التنزيل بهامش اللباب 6/195.
[61161]:من مد والمعالم، وفي الأصل: يستغفر الله أو يسبح.
[61162]:من مد والمعالم، وفي الأصل: يستغفر الله أو يسبح.