قوله تعالى : { ترميهم بحجارة من سجيل }
في الصحاح : { حجارة من سجيل } قالوا : حجارة من طين ، طبخت بنار جهنم ، مكتوب فيها أسماء القوم ؛ لقوله تعالى : { لنرسل عليهم حجارة من طين مسومة }{[16421]} [ الذاريات : 33 ] . وقال عبد الرحمن بن أبزى : { من سجيل } : من السماء ، وهي الحجارة التي نزلت على قوم لوط . وقيل : من الجحيم . وهي " سجين " ، ثم أبدلت اللام نونا ، كما قالوا في أصيلان : أصيلال . قال ابن مقبل :
ضربًا تواصتْ بهِ الأبطالُ سِجِّينَا{[16422]}
وإنما هو سجيلا . وقال الزجاج : { من سجيل } أي مما كتب عليهم أن يعذبوا به ، مشتق من السجل . وقد مضى القول في سجيل في " هود " {[16423]} مستوفى . قال عكرمة : كانت ترميهم بحجارة معها ، فإذا أصاب أحدهم حجر منها خرج به الجدري ، لم ير قبل ذلك اليوم . وكان الحجر كالحمصة وفوق العدسة . وقال ابن عباس : كان الحجر إذا وقع على أحدهم نفط جلده ، فكان ذلك أول الجدري . وقراءة العامة { ترميهم } بالتاء ، لتأنيث جماعة الطير . وقرأ الأعرج وطلحة " يرميهم " بالياء ، أي يرميهم الله ، دليله قوله تعالى : { ولكن الله رمى }{[16424]} [ الأنفال : 17 ] ويجوز أن يكون راجعا إلى الطير ، لخلوها من علامات التأنيث ، ولأن تأنيثها غير حقيقي .
ولما تشوف السامع إلى فعل الطير بهم ، قال مستأنفاً : { ترميهم } أي الطير { بحجارة } أي عظيمة في الكثرة والفعل ، صغيرة في المقدار والحجم ، كان كل واحد منها في نحو مقدار العدسة ، في منقار كل طائر منها واحد ، وفي كل رجل واحد .
ولما كان الشيء إذا كان مصنوعاً للعذاب كان أشد فعلاً فيه قال : { من سجيل * } أي طين متحجر مصنوع للعذاب في موضع هو في غاية العلو ، كما بين في سورة هود عليه الصلاة والسلام ، قال حمزة الكرماني : قال أبو صالح : رأيت تلك الحجارة مخططة بالحمرة .
قوله : { ترميهم بحجارة من سجّيل } يعني هذه الطير الأبابيل أرسلها الله على أصحاب الفيل بحجارة من سجيل ، وهي طين في حجارة ، وكانت واحدتها دون الحمصة وفوق حبة العدس . وقيل : خرجت الطير من قبل البحر مع كل طير ثلاثة أحجار ، حجران في رجليه ، وحجر في منقاره ، ولا يصيب شيئا إلا هشمه . فما كانت الواحدة من الحجارة تصيب أحدا من جنود أبرهة إلا أهلكته . فأصابت منهم من أصابت ، وفرّ الآخرون هاربين ، يبتدرون الطريق الذي جاءوا منه ، فخرجوا يتساقطون بكل طريق ، ويهلكون على كل ناحية ، فأصيب أبرهة في جسده ، وخرجوا به معهم ، فسقطت أنامله أنملة أنملة حتى قدموا به صنعاء ، فما مات حتى تصدّع صدره عن قلبه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.