فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{تَرۡمِيهِم بِحِجَارَةٖ مِّن سِجِّيلٖ} (4)

{ ترميهم بحجارة من سجيل } قرأ الجمهور بالفوقية ، وقرأ أبو حنيفة وأبو معمر وعيسى وطلحة بالتحتية ، واسم الجمع يذكر ويؤنث . وقيل : الضمير في القراءة الثانية لله عز وجل ، والجملة في محل نصب صفة أخرى لطير .

قال الزجاج { من سجيل } أي مما كتب عليهم العذاب به ، مشتقا من السجل .

قال في الصحاح : قالوا : هي حجارة من طين طبخت بنار جهنم ، مكتوب فيها أسماء القوم . وأصله سنك وكل . وقيل : السجيل : الشديد . وقال عبد الرحمان بن أبزي : { من سجيل } من السماء ، وهي الحجارة التي نزلت على قوم لوط . وقيل : من الجحيم التي هي سجين ، ثم أبدلت النون لاما . قال عكرمة كانت ترميهم بحجارة معها ، فإذا أصاب أحدهم حجر منها خرج به الجدري . وكان الحجر كالحمصة وفوق العدسة . وقد قدمنا الكلام في سجيل في سورة هود .

وعن ابن عباس قال : حجارة كالبندق ، وبها نضح حمرة مختمة ، مع كل طائر ثلاثة أحجار : حجران في رجليه ، وحجر في منقاره ، حلقت عليهم من السماء ، ثم أرسلت عليهم تلك الحجارة فلم تعد عسكرهم ، وعنه أن أبرهة الأشرم قدم من اليمن يريد هدم الكعبة ، فأرسل الله عليهم طيرا أبابيل- يريد : مجتمعة- لها خراطيم ، تحمل حصاتين في رجليها ، وحصاة في منقارها ، ترسل واحدة على رأس الرجل فيسيل لحمه ودمه ، ويبقى عظاما خاوية لا لحم عليها ولا جلد ولا دم { فجعلهم كعصف مأكول } .