الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{تَرۡمِيهِم بِحِجَارَةٖ مِّن سِجِّيلٖ} (4)

قوله تعالى : { ترميهم بحجارة من سجيل }

في الصحاح : { حجارة من سجيل } قالوا : حجارة من طين ، طبخت بنار جهنم ، مكتوب فيها أسماء القوم ؛ لقوله تعالى : { لنرسل عليهم حجارة من طين مسومة }{[16421]} [ الذاريات : 33 ] . وقال عبد الرحمن بن أبزى : { من سجيل } : من السماء ، وهي الحجارة التي نزلت على قوم لوط . وقيل : من الجحيم . وهي " سجين " ، ثم أبدلت اللام نونا ، كما قالوا في أصيلان : أصيلال . قال ابن مقبل :

ضربًا تواصتْ بهِ الأبطالُ سِجِّينَا{[16422]}

وإنما هو سجيلا . وقال الزجاج : { من سجيل } أي مما كتب عليهم أن يعذبوا به ، مشتق من السجل . وقد مضى القول في سجيل في " هود " {[16423]} مستوفى . قال عكرمة : كانت ترميهم بحجارة معها ، فإذا أصاب أحدهم حجر منها خرج به الجدري ، لم ير قبل ذلك اليوم . وكان الحجر كالحمصة وفوق العدسة . وقال ابن عباس : كان الحجر إذا وقع على أحدهم نفط جلده ، فكان ذلك أول الجدري . وقراءة العامة { ترميهم } بالتاء ، لتأنيث جماعة الطير . وقرأ الأعرج وطلحة " يرميهم " بالياء ، أي يرميهم الله ، دليله قوله تعالى : { ولكن الله رمى }{[16424]} [ الأنفال : 17 ] ويجوز أن يكون راجعا إلى الطير ، لخلوها من علامات التأنيث ، ولأن تأنيثها غير حقيقي .


[16421]:آية 33 سورة الذاريات.
[16422]:صدر البيت كما في اللسان: * ورجلة يضربون البيض عن عرض *
[16423]:راجع جـ 9 ص 81.
[16424]:آية 17 سورة الأنفال.