في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{كَلَّا لَا تُطِعۡهُ وَٱسۡجُدۡۤ وَٱقۡتَرِب۩} (19)

وفي ضوء هذا المصير المتخيل الرعيب . . تختم السورة بتوجيه المؤمن الطائع إلى الإصرار والثبات على إيمانه وطاعته . .

( كلا . لا تطعه ، واسجد ، واقترب . )

كلا ! لا تطع هذا الطاغي الذي ينهى عن الصلاة والدعوة . واسجد لربك واقترب منه بالطاعة والعبادة . ودع هذا الطاغي . الناهي دعه للزبانية !

ختام السورة:

ولقد وردت بعض الروايات الصحيحة بأن السورة - عدا المقطع الأول منها - قد نزلت في أبي جهل إذ مر برسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] وهو يصلي عند المقام . فقال [ يا محمد . ألم أنهك عن هذا ? وتوعده . فأغلظ له رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] وانتهره . . ] ولعلها هي التي أخذ فيها رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] بخناقه وقال له : أولى لك ثم أولى فقال : يا محمد بأي شي تهددني ? أما والله إني لأكثر هذا الوادي ناديا ، فأنزل الله : ( فليدع ناديه . . . )وقال ابن عباس لو دعا ناديه لأخذته ملائكة العذاب من ساعته . ولكن دلالة السورة عامة في كل مؤمن طائع عابد داع إلى الله . وكل طاغ باغ ينهى عن الصلاة ، ويتوعد على الطاعة ، ويختال بالقوة . . والتوجيه الرباني الأخير : ( كلا ! لا تطعه واسجد واقترب ) . .

وهكذا تتناسق مقاطع السورة كلها وتتكامل إيقاعاتها . . .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{كَلَّا لَا تُطِعۡهُ وَٱسۡجُدۡۤ وَٱقۡتَرِب۩} (19)

لِيرتدعْ هذا الفاجر ، فلا تطعْه يا محمد ، فيما ينهاك عنه ، بل داومْ على صلاتك وواظبْ على سجودك ، وتقرّب بذلك إلى ربك .

وهنا عند قوله تعالى { واسجد واقترب } موضعُ سجدةٍ عند غيرِ الإمام مالك .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{كَلَّا لَا تُطِعۡهُ وَٱسۡجُدۡۤ وَٱقۡتَرِب۩} (19)

وأما حالة المنهي ، فأمره الله أن لا يصغى إلى هذا الناهي ولا ينقاد لنهيه فقال : { كَلَّا لَا تُطِعْهُ } [ أي : ] فإنه لا يأمر إلا بما فيه خسارة الدارين ، { وَاسْجُدْ } لربك { وَاقْتَربَ } منه في السجود وغيره من أنواع الطاعات والقربات ، فإنها كلها تدني من رضاه ، وتقرب منه .

وهذا عام لكل ناه عن الخير ومنهي عنه ، وإن كانت نازلة في شأن أبي جهل حين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة ، وعبث به{[1460]}  وآذاه . تمت ولله الحمد .


[1460]:- في ب: وعذبه
 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{كَلَّا لَا تُطِعۡهُ وَٱسۡجُدۡۤ وَٱقۡتَرِب۩} (19)

{ كلا } ليس الأمر على ما عليه أبو جهل { لا تطعه واسجد } وصل { واقترب } تقرب إلى ربك بطاعته .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{كَلَّا لَا تُطِعۡهُ وَٱسۡجُدۡۤ وَٱقۡتَرِب۩} (19)

قوله تعالى : " كلا " أي ليس الأمر على ما يظنه أبو جهل . " لا تطعه " أي فيما دعاك إليه من ترك الصلاة . " واسجد " أي صل لله " واقترب " أي تقرب إلى اللّه جل ثناؤه بالطاعة والعبادة . وقيل : المعنى : إذا سجدت فاقترب من اللّه بالدعاء . روى عطاء عن أبي هريرة قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ( أقرب ما يكون العبد من ربه ، وأحبه إليه ، جبهته في الأرض ساجدا لله ) .

قال علماؤنا : وإنما كان ذلك لأنها نهاية العبودية والذلة ، ولله غاية العزة ، وله العزة التي لا مقدار لها ، فكلما بعدت من صفته ، قربت من جنته ، ودنوت من جواره في داره . وفي الحديث الصحيح : أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال : [ أما الركوع فعظموا فيه الرب . وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء ، فإنه قمن{[16226]} أن يستجاب لكم ] . ولقد أحسن من قال :

وإذا تذللت الرقاب تواضُعًا *** منا إليك فعِزُّهَا في ذُلِّهَا

وقال زيد بن أسلم : اسجد أنت يا محمد مصليا ، واقترب أنت يا أبا جهل من النار .

قوله تعالى : " واسجد " هذا من السجود . يحتمل أن يكون بمعنى السجود في الصلاة ، ويحتمل أن يكون سجود التلاوة في هذه السورة . قال ابن العربي : " والظاهر أنه سجود الصلاة " لقوله تعالى : " أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى - إلى قوله - كلا لا تطعه واسجد واقترب " ، لولا ما ثبت في الصحيح من رواية مسلم وغيره من الأئمة عن أبي هريرة أنه قال : سجدت مع رسول الله صلى اللّه عليه وسلم في " إذا السماء انشقت " [ الإنشقاق : 1 ] ، وفي " اقرأ باسم ربك الذي خلق " [ العلق : 1 ] سجدتين ، فكان هذا نصا على أن المراد سجود التلاوة . وقد روى ابن وهب ، عن حماد بن زيد ، عن عاصم بن بهدلة ، عن زر بن حبيش ، عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه ، قال : عزائم السجود أربع : " ألم " و " حم تنزيل من الرحمن الرحيم " و " النجم " و " اقرأ باسم ربك " . وقال ابن العربي : وهذا إن صح يلزم عليه السجود الثاني من سورة " الحج " ، وإن كان مقترنا بالركوع ؛ لأنه يكون معناه اركعوا في موضع الركوع ، واسجدوا في موضع السجود . وقد قال ابن نافع ومطرف : وكان مالك يسجد في خاصة نفسه بخاتمة هذه السورة من " اقرأ باسم ربك " وابن وهب يراها من العزائم .

قلت : وقد روينا من حديث مالك بن أنس عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن نافع عن ابن عمر قال : لما أنزل اللّه تعالى " اقرأ باسم ربك الذي خلق " [ العلق : 1 ] قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لمعاذ : [ اكتبها يا معاذ ] فأخذ معاذ اللوح والقلم والنون - وهي الدواة - فكتبها معاذ ، فلما بلغ " كلا لا تطعه واسجد واقترب " سجد اللوح ، وسجد القلم ، وسجدت النون ، وهم يقولون : اللهم ارفع به ذكرا ، اللهم احطط به وزرا ، اللهم اغفر به ذنبا . قال معاذ : سجدت ، وأخبرت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فسجد .

ختمت السورة . والحمد لله على ما فتح ومنح وأعطى . وله الحمد والمنة .


[16226]:يقال: قمن وقمن بفتح الميم وكسرها، والذي بالكسر يثنى ويجمع كقمين، أي خليق وجدير.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{كَلَّا لَا تُطِعۡهُ وَٱسۡجُدۡۤ وَٱقۡتَرِب۩} (19)

{ واسجد واقترب } أي : تقرب إلى الله بالسجود كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ، فاجتهدوا في الدعاء " ، وهذا موضع سجدة عند الشافعي ، وليست عند مالك من عزائم السجود .