في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لِّيَعۡلَمَ أَن قَدۡ أَبۡلَغُواْ رِسَٰلَٰتِ رَبِّهِمۡ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيۡهِمۡ وَأَحۡصَىٰ كُلَّ شَيۡءٍ عَدَدَۢا} (28)

( ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم ) . . والله يعلم . ولكن المقصود هو أن يقع منهم البلاغ فيتعلق به علمه في عالم الواقع .

( وأحاط بما لديهم ) . . فما من شيء في نفوسهم وفي حياتهم ومن حولهم ، إلا وهو في قبضة العلم لا يند منه شيء . .

( وأحصى كل شيء عددا ) . . لا يقتصر على ما لدى الرسل ؛ بل يحيط بكل شيء إحصاء وعدا ، وهو أدق الإحاطة والعلم !

/خ28

ختام السورة:

وبهذا الإيقاع الهائل الرهيب تختم السورة ، التي بدأت بالروعة والرجفة والانبهار بادية في مقالة الجن الطويلة المفصلة ، الحافلة بآثار البهر والرجفة والارتياع !

وتقرر السورة التي لا تتجاوز الثماني والعشرين آية ، هذا الحشد من الحقائق الأساسية التي تدخل في تكوين عقيدة المسلم ، وفي إنشاء تصوره الواضح المتزن المستقيم ، الذي لا يغلو ولا يفرط ، ولا يغلق على نفسه نوافذ المعرفة ، ولا يجري - مع هذا - خلف الأساطير والأوهام !

وصدق النفر الذي آمن حين سمع القرآن ، وهو يقول : ( إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ) . .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{لِّيَعۡلَمَ أَن قَدۡ أَبۡلَغُواْ رِسَٰلَٰتِ رَبِّهِمۡ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيۡهِمۡ وَأَحۡصَىٰ كُلَّ شَيۡءٍ عَدَدَۢا} (28)

{ لِّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُواْ رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ } وقد عَلِمَ تفصيلاً بما عندهم ، { وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وأحصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً } فعلم عدد الموجودات كلّها ، لا يغيبُ عنه شيءٌ منها .

وهكذا انتهت هذه السورة الكريمة بردّ كل شيء إليه تعالى ، وأنه يراقب كل شيء حتى رسُله الكرام .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لِّيَعۡلَمَ أَن قَدۡ أَبۡلَغُواْ رِسَٰلَٰتِ رَبِّهِمۡ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيۡهِمۡ وَأَحۡصَىٰ كُلَّ شَيۡءٍ عَدَدَۢا} (28)

{ لِيَعْلَمَ } بذلك { أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ } بما جعله لهم من الأسباب ، { وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ } أي : بما عندهم ، وما أسروه وأعلنوه ، { وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا } وفي هذه السورة فوائد كثيرة : منها : وجود الجن ، وأنهم مكلفون مأمورون مكلفون منهيون ، مجازون بأعمالهم ، كما هو صريح في هذه السورة .

ومنها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رسول إلى الجن ، كما هو رسول إلى الإنس{[1254]} ، فإن الله صرف نفر الجن ليستمعوا ما يوحى إليه ويبلغوا قومهم .

ومنها : ذكاء الجن ومعرفتهم بالحق ، وأن الذي ساقهم إلى الإيمان هو ما تحققوه من هداية القرآن ، وحسن أدبهم في خطابهم .

ومنها : اعتناء الله برسوله ، وحفظه لما جاء به ، فحين ابتدأت بشائر نبوته ، والسماء محروسة بالنجوم ، والشياطين قد هربت عن أماكنها ، وأزعجت عن مراصدها ، وأن الله رحم به الأرض وأهلها رحمة ما يقدر لها قدر ، وأراد بهم ربهم رشدا ، فأراد أن يظهر من دينه وشرعه ومعرفته في الأرض ، ما تبتهج به القلوب ، وتفرح به أولو الألباب ، وتظهر به شعائر الإسلام ، وينقمع به أهل الأوثان والأصنام .

ومنها : شدة حرص الجن لاستماع الرسول صلى الله عليه وسلم ، وتراكمهم عليه .

ومنها : أن هذه السورة قد اشتملت على الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك ، وبينت حالة الخلق ، وأن كل أحد منهم لا يستحق من العبادة مثقال ذرة ، لأن الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم ، إذا كان لا يملك لأحد نفعا ولا ضرا ، بل ولا يملك لنفسه ، علم أن الخلق كلهم كذلك ، فمن الخطأ والغلط{[1255]}  اتخاذ من هذا وصفه إلها [ آخر ] مع الله . ومنها : أن علوم الغيوب قد انفرد الله بعلمها ، فلا يعلمها أحد من الخلق ، إلا من ارتضاه الله وخصه{[1256]}  بعلم شيء منها . تم تفسير سورة قل أوحي إلي ، ولله الحمد{[1257]}


[1254]:- في ب: مبعوث إلى الجن كما هو مبعوث إلى الإنس.
[1255]:- في ب: من الخطأ والظلم.
[1256]:- في ب: واختصه.
[1257]:- في ب: تم تفسيرها والحمد لله رب العالمين.
 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{لِّيَعۡلَمَ أَن قَدۡ أَبۡلَغُواْ رِسَٰلَٰتِ رَبِّهِمۡ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيۡهِمۡ وَأَحۡصَىٰ كُلَّ شَيۡءٍ عَدَدَۢا} (28)

{ ليعلم } الله { أن قد أبلغوا رسالات ربهم } أي ليبلغوا رسالات ربهم فإذا بلغوا علم الله ذلك فصار كقوله { ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم } أي ولما يجاهدوا { وأحاط بما لديهم } علم الله ما عندهم { وأحصى كل شيء عددا } أي علم عدد كل شيء فلم يخف عليه شيء

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{لِّيَعۡلَمَ أَن قَدۡ أَبۡلَغُواْ رِسَٰلَٰتِ رَبِّهِمۡ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيۡهِمۡ وَأَحۡصَىٰ كُلَّ شَيۡءٍ عَدَدَۢا} (28)

قوله تعالى : " ليعلم " قال قتادة ومقاتل : أي ليعلم محمد أن الرسل قبله قد أبلغوا الرسالة كما بلغ هو الرسالة . وفيه حذف يتعلق به اللام ، أي أخبرناه بحفظنا الوحي ليعلم أن الرسل قبله كانوا على مثل حالته من التبليغ بالحق والصدق . وقيل : ليعلم محمد أن قد أبلغ جبريل ومن معه إليه رسالة ربه . قاله ابن جبير . قال : ولم ينزل الوحي إلا ومعه أربعة حفظة من الملائكة عليهم السلام . وقيل : ليعلم الرسل أن الملائكة بلغوا رسالات ربهم . وقيل : ليعلم الرسول أي رسول كان أن الرسل سواه بلغوا . وقيل : أي ليعلم إبليس أن الرسل قد أبلغوا رسالات ربهم سليمة من تخليطه واستراق أصحابه . وقال ابن قتيبة : أي ليعلم الجن أن الرسل قد بلغوا ما نزل عليهم ولم يكونوا هم المبلغين باستراق السمع عليهم . وقال مجاهد : ليعلم من كذب الرسل أن المرسلين قد بلغوا رسالات ربهم . وقراءة الجماعة " ليعلم " بفتح الياء وتأويله ما ذكرناه . وقرأ ابن عباس ومجاهد وحميد ويعقوب بضم الياء أي ليعلم الناس أن الرسل قد أبلغوا . وقال الزجاج : أي ليعلم الله أن رسله قد أبلغوا رسالاته بفتح الياء ، كقوله تعالى : " ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين " [ آل عمران : 142 ] المعنى ليعلم الله ذلك علم مشاهدة كما علمه غيبا . " وأحاط بما لديهم " أي أحاط علمه بما عندهم ، أي بما عند الرسل وما عند الملائكة . وقال ابن جبير : المعنى : ليعلم الرسل أن ربهم قد أحاط علمه بما لديهم ، فيبلغوا رسالاته . " وأحصى كل شيء عددا " أي أحاط بعدد كل شيء وعرفه وعلمه فلم يخف عليه منه شيء . و " عددا " نصب على الحال ، أي أحصى كل شيء في حال العدد ، وإن شئت على المصدر ، أي أحصى وعد كل شيء عددا ، فيكون مصدر الفعل المحذوف . فهو سبحانه المحصي المحيط العالم الحافظ لكل شيء وقد بينا جميعه في الكتاب الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى . والحمد لله وحده{[15494]} .


[15494]:في ط: "تمت السورة بحمد الله وعونه".
 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{لِّيَعۡلَمَ أَن قَدۡ أَبۡلَغُواْ رِسَٰلَٰتِ رَبِّهِمۡ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيۡهِمۡ وَأَحۡصَىٰ كُلَّ شَيۡءٍ عَدَدَۢا} (28)

ليعلم الرسول صلى الله عليه وسلم ، أن الرسل قبله كانوا على مثل حاله من التبليغ بالحق والصدق ، وأنه حُفظ كما حُفظوا من الجن ، وأن الله سبحانه أحاط علمه بما عندهم ظاهرًا وباطنًا من الشرائع والأحكام وغيرها ، لا يفوته منها شيء ، وأنه تعالى أحصى كل شيء عددًا ، فلم يَخْفَ عليه منه شيء .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{لِّيَعۡلَمَ أَن قَدۡ أَبۡلَغُواْ رِسَٰلَٰتِ رَبِّهِمۡ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيۡهِمۡ وَأَحۡصَىٰ كُلَّ شَيۡءٍ عَدَدَۢا} (28)

قوله : { ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم } اختلف المفسرون في المراد بقوله : { ليعلم } فقد قيل : المراد ، الرسول صلى الله عليه وسلم فيكون المعنى : وليعلم رسوله الله أن الرسل من قبله قد أبلغوا رسالات ربهم ، وأن الله قد حفظهم ودفع عنهم أذى الشياطين . وقيل : المراد المشركون . أي ليعلم المشركون أن الرسل قد أبلغوا رسالات ربهم . وقيل : ليعلم الله أن رسله قد أبلغوا رسالاته أي ليعلم ذلك علم مشاهدة كما علمه غيبا .

قوله : { وأحاط بما لديهم } أحاط علم الله بما عند الرسل وما عند الملائكة . { وأحصى كل شيء عدد } عددا ، منصوب على التمييز{[4664]} يعني أحاط علم الله بعدد كل شيء . فما يخفى عليه علم شيء وجودا وموضعا وصفة وعددا{[4665]} .


[4664]:البيان لابن الأنباري جـ 2 ص 469.
[4665]:تفسير القرطبي جـ 29 ص 29- 31 والكشاف جـ 4 ص 172، 173.