في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي يُكَذِّبُ بِٱلدِّينِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الماعون مكية وآياتها سبع

هذه السورة مكية في بعض الروايات ، ومكية مدنية في بعض الروايات [ الثلاث الآيات الأولى مكية والباقيات مدنية ] وهذه الأخيرة هي الأرجح . وإن كانت السورة كلها وحدة متماسكة ، ذات اتجاه واحد ، لتقرير حقيقة كلية من حقائق هذه العقيدة ، مما يكاد يميل بنا إلى اعتبارها مدنية كلها ، إذ أن الموضوع التي تعالجه هو من موضوعات القرآن المدني - وهو في جملته يمت إلى النفاق والرياء مما لم يكن معروفا في الجماعة المسلمة في مكة . ولكن قبول الروايات القائلة بأنها مكية مدنية لا يمتنع لاحتمال تنزيل الآيات الأربع الأخيرة في المدينة وإلحاقها بالآيات الثلاث الأولى لمناسبة التشابه والاتصال في الموضوع . . وحسبنا هذا لنخلص إلى موضوع السورة وإلى الحقيقة الكبيرة التي تعالجها . .

إن هذه السورة الصغيرة ذات الآيات السبع القصيرة تعالج حقيقة ضخمة تكاد تبدل المفهوم السائد للإيمان والكفر تبديلا كاملا . فوق ما تطلع به على النفس من حقيقة باهرة لطبيعة هذه العقيدة ، وللخير الهائل العظيم المكنون فيها لهذه البشرية ، وللرحمة السابغة التي أرادها الله للبشر وهو يبعث إليهم بهذه الرسالة الأخيرة . .

إن هذا الدين ليس دين مظاهر وطقوس ؛ ولا تغني فيه مظاهر العبادات والشعائر ، ما لم تكن صادرة عن إخلاص لله وتجرد ، مؤدية بسبب هذا الإخلاص إلى آثار في القلب تدفع إلى العمل الصالح ، وتتمثل في سلوك تصلح به حياة الناس في هذه الأرض وترقى .

كذلك ليس هذا الدين أجزاء وتفاريق موزعة منفصلة ، يؤدي منها الإنسان ما يشاء ، ويدع منها ما يشاء . . إنما هو منهج متكامل ، تتعاون عباداته وشعائره ، وتكاليفه الفردية والاجتماعية ، حيث تنتهي كلها إلى غاية تعودكلها على البشر . . غاية تتطهر معها القلوب ، وتصلح للحياة ، ويتعاون الناس ويتكافلون في الخير والصلاح والنماء . . وتتمثل فيها رحمة الله السابغة بالعباد .

ولقد يقول الإنسان بلسانه : إنه مسلم وإنه مصدق بهذا الدين وقضاياه . وقد يصلي ، وقد يؤدي شعائر أخرى غير الصلاة ولكن حقيقة الإيمان وحقيقة التصديق بالدين تظل بعيدة عنه ويظل بعيدا عنها ، لأن لهذه الحقيقة علامات تدل على وجودها وتحققها . وما لم توجد هذه العلامات فلا إيمان ولا تصديق مهما قال اللسان ، ومهما تعبد الإنسان !

إن حقيقة الإيمان حين تستقر في القلب تتحرك من فورها [ كما قلنا في سورة العصر ] لكي تحقق ذاتها في عمل صالح . فإذا لم تتخذ هذه الحركة فهذا دليل على عدم وجودها أصلا . وهذا ما تقرره هذه السورة نصا . .

( أرأيت الذي يكذب بالدين ? فذلك الذي يدع اليتيم ، ولا يحض على طعام المسكين ) . .

إنها تبدأ بهذا الاستفهام الذي يوجه كل من تتأتى منه الرؤية ليرى : ( أرأيت الذي يكذب بالدين ? )وينتظر من يسمع هذا الاستفهام ليرى إلى أين تتجه الإشارة وإلى من تتجه

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{أَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي يُكَذِّبُ بِٱلدِّينِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الماعون مكية ، وآياتها سبع ، نزلت بعد سورة التكاثر . وتخبر سورة الماعون عن المكذبين بالدين وبالبعث بطريقة الاستفهام للتعجيب . ثم بينت صفات هؤلاء المكذبين بأنهم يهينون الأيتام ويزجرونهم ، ولا يعطفون عليهم . وأنهم يبخلون بأموالهم ، ولا يحضّون أحدا بقول أو عمل على إطعام المساكين ، وذلك لشدة بخلهم وشحّهم . ثم بينت فريقا آخر يتهاون في صلاته ، ولا يؤديها في أوقاتها ، ولا يقيمها كما يجب ، ويتظاهر بالتدين ، ولكنه خِداع ومراء . وقد توعدت الجميع بالهلاك والثبور .

أرأيتَ : هل علمتَ .

بالدِين : الخضوع إلى الله والتصديقُ بالبعث والجزاء .

هل عرفتَ يا محمد ، ذلك الذي يكذّب بالجزاءِ والحسابِ في الآخرة ، ولا يؤمن بما جاءَ به الرسول ؟

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{أَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي يُكَذِّبُ بِٱلدِّينِ} (1)

{ أرأيت الذي يكذب بالدين } نزلت في العاص بن وائل ، وقيل : نزلت في الوليد بن المغيرة ، وقيل : في أبي سفيان ، وذلك أنه نحر جزورا فأتاه يتيم يسأله ، فقرعه بعصاه ، فذلك قوله تعالى !

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{أَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي يُكَذِّبُ بِٱلدِّينِ} (1)

مقدمة السورة:

وهي مكية ، في قول عطاء وجابر وأحد قولي ابن عباس . ومدنية ، في قول له آخر ، وهو قول قتادة وغيره . وهي سبع آيات .

فيه ست مسائل :

الأولى- قوله تعالى : { أرأيت الذي يكذب بالدين } أي بالجزاء والحساب في الآخرة ، وقد تقدم في " الفاتحة " . و{ أرأيت } بإثبات الهمزة الثانية ؛ إذ لا يقال{[16463]} في أرأيت : ريت ، ولكن ألف الاستفهام سهلت الهمزة ألفا ، ذكره الزجاج . وفي الكلام حذف ، والمعنى : أرأيت الذي يكذب بالدين : أمصيب هو أم مخطئ ؟ واختلف فيمن نزل هذا فيه ، فذكر أبو صالح عن ابن عباس قال : نزلت في العاص بن وائل السهمي ، وقاله الكلبي ومقاتل . وروى الضحاك عنه قال : نزلت في رجل من المنافقين . وقال السدي : نزلت في الوليد بن المغيرة . وقيل : في أبي جهل . الضحاك : في عمرو بن عائذ . قال ابن جريج : نزلت في أبي سفيان ، وكان ينحر في كل أسبوع جزورا ، فطلب منه يتيم شيئا ، فقرعه بعصاه ، فأنزل الله هذه السورة .


[16463]:راجع جـ 1 ص 143.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{أَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي يُكَذِّبُ بِٱلدِّينِ} (1)

مقدمة السورة:

هذه السورة مكية ، وآياتها سبع .

بسم الله الرحمان الرحيم

{ أرأيت الذي يكذب بالدين 1 فذلك الذي يدعّ اليتيم 2 ولا يحض على طعام المسكين 3 فويل للمصلين 4 الذين هم عن صلاتهم ساهون 5 الذين هم يراءون 6 ويمنعون الماعون } .

الاستفهام للتعجيب من حال الذي يكذب بالدين ، وهو الجزاء والحساب يوم القيامة . والمعنى : هل عرفت الذي يكذب بالجزاء من هو ؟