البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{أَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي يُكَذِّبُ بِٱلدِّينِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الماعون

هذه السورة مكية في قول الجمهور ، مدنية في قول ابن عباس وقتادة . قال هبة الله المفسر الضرير : نزل نصفها بمكة في العاصي بن وائل ، ونصفها بالمدينة في عبد الله بن أبي المنافق . ولما عدد تعالى نعمه على قريش ، وكانوا لا يؤمنون بالبعث والجزاء ، اتبع امتنانه عليهم بتهديدهم بالجزاء وتخويفهم من عذابه . ونزلت في أبي جهل ، أو الوليد بن المغيرة ، أو العاصي بن وائل ، أو عمر بن عائذ ، أو رجلين من المنافقين ، أو أبي سفيان بن حرب ، كان ينحر في كل أسبوع جزوراً ، فأتاه يتيم فسأله شيئاً فقرعه بعصا ، أقوال آخرها لابن جريج .

الظاهر أن { أرأيت } هي التي بمعنى أخبرني ، فتتعدى لاثنين ، أحدهما الذي ، والآخر محذوف ، فقدره الحوفي : أليس مستحقاً عذاب الله ، وقدره الزمخشري : من هو ، ويدل على أنها بمعنى أخبرني .

قراءة عبد الله أرأيتك بكاف الخطاب ، لأن كاف الخطاب لا تلحق البصرية .

قال الحوفي : ويجوز أن تكون من رؤية البصر ، فلا يكون في الكلام حذف ، وهمزة الاستفهام تدل على التقرير والتفهيم ليتذكر السامع من يعرفه بهذه الصفة .

والدين : الجزاء بالثواب والعقاب .

وقال الزمخشري : والمعنى هل عرفت الذي يكذب بالجزاء ؟

وقال ابن عباس : { بالدين } : بحكم الله .

وقال مجاهد : بالحساب ، وقيل : بالجزاء ، وقيل : بالقرآن .