غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{أَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي يُكَذِّبُ بِٱلدِّينِ} (1)

مقدمة السورة:

( سورة الماعون مكية . وقيل : مدنية . حروفها مائة وخمسة عشر ، كلمها خمس وعشرون ، آياتها سبع ) .

التفسير : هذا مثال آخر لكون الإنسان في خسر . قال ابن جريج : نزلت في أبي سفيان ، كان ينحر جزورين في كل أسبوع ، فأتاه يتيم فسأله لحماً ، فقرعه بعصاه . وقال مقاتل : نزلت في العاص بن وائل السهمي ، وما كان من صفته الجمع بين التكذيب بيوم القيامة والإتيان بالأفعال القبيحة . وعن السدي : نزلت في الوليد بن المغيرة ، وقيل : في أبي جهل . حكى الماوردى أنه كان وصياً ليتيم فجاءه وهو عريان أن يسأله شيئاً من مال نفسه ، فدفعه ولم يعبأ به ، فأيس الصبي ، فقال له أكابر قريش استهزاء : قل لمحمد يشفع لك . فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم والتمس منه الشفاعة ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرد محتاجاً ، فذهب معه إلى أبي جهل ، فقام أبو جهل ورحب به ، وبذل المال لليتيم ، فعيره قريش فقالوا : صبأت ، فقال : لا والله ما صبأت ، لكن رأيت عن يمينه وعن يساره حربة خفت إن لم يطعنها فيّ . وقال كثير من المفسرين : إنه عام لكل من كان مكذباً بيوم الدين ، والمعنى : هل عرفت الذي يكذب الجزاء من هو ، فإن لم تعرفه فهو الذي يدع اليتيم ، وذلك لأن إقدام الإنسان على الطاعات وإحجامه عن المحظورات إنما يكون للرغبة في الثواب أو الرهبة من العقاب . فإذا كان منكراً للقيامة لم يترك شيئاً من المشتهيات واللذات ، فإنكار المعاد كالأصل لجميع أنواع الكفر والمعاصي ، والغرض منه لتعجيب كقولك : " أرأيت فلاناً ماذا ارتكب " ، والخطاب لكل عاقل ، أو للرسول صلى الله عليه وسلم . وقيل : الدين هاهنا هو الإسلام ؛ لأنه عند الإطلاق يقع عليه وسائر الأديان كلادين ، أو يتناولها مع التقييد كقولك " دين النصارى أو اليهود " .

/خ7