في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَوۡمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَتَأۡتُونَ أَفۡوَاجٗا} (18)

( يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا . وفتحت السماء فكانت أبوابا ، وسيرت الجبال فكانت سرابا ) . .

والصور : البوق . ونحن لا ندري عنه إلا اسمه . ولا نعلم إلا أنه سينفخ فيه . وليس لنا أن نشغل أنفسنا بكيفية ذلك . فهي لا تزيدنا إيمانا ولا تأثرا بالحادث . وقد صان الله طاقتنا عن أن تتبدد في البحث وراء هذا الغيب المكنون ، وأعطانا منه القدر الذي ينفعنا فلا نزيد ! إنما نحن نتصور النفخة الباعثة المجمعة التي يأتي بها الناس أفواجا . . نتصور هذا المشهد والخلائق التي توارت شخوصها جيلا بعد جيل ، وأخلت وجه الأرض لمن يأتي بعدها كي لا يضيق بهم وجه الأرض المحدود . . نتصور مشهد هذه الخلائق جميعا . . أفواجا . . مبعوثين قائمين آتين من كل فج إلى حيث يحشرون . ونتصور الأجداث المبعثرة وهذه الخلائق منها قائمة . ونتصور الجموع الحاشدة لا يعرف أولها آخرها ، ونتصور هذا الهول الذي تثيره تلك الحشود التي لم تتجمع قط في وقت واحد وفي ساعة واحدة إلا في هذا اليوم . . أين ? لا ندري . . ففي هذا الكون الذي نعرفه أحداث وأهوال جسام :

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{يَوۡمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَتَأۡتُونَ أَفۡوَاجٗا} (18)

أفواجا : جماعات ، واحده فوج .

ثم بيّن هذا اليومَ وزاد في تهويله فقال :

{ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصور فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً }

في ذلك اليومِ يُنفخ في البوق فتُبعثون من قبورِكم وتأتون إلى المَحْشَرِ جماعاتٍ جماعاتٍ .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{يَوۡمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَتَأۡتُونَ أَفۡوَاجٗا} (18)

{ يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا } زمرا وجماعات

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{يَوۡمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَتَأۡتُونَ أَفۡوَاجٗا} (18)

" يوم ينفخ في الصور " أي للبعث " فتأتون " أي إلى موضع العرض .

" أفواجا " أي أمما ، كل أمة مع إمامهم . وقيل : زمرا وجماعات . الواحد : فوج . ونصب يوما بدلا من اليوم الأول . وروي من حديث معاذ بن جبل قلت : يا رسول الله ! أرأيت قول الله تعالى : " يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا " فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يا معاذ [ بن جبل ]{[15742]} لقد سألت عن أمر عظيم ) ثم أرسل عينيه باكيا ، ثم قال : ( يحشر عشرة أصناف من أمتي أشتاتا قد ميزهم الله تعالى من جماعات المسلمين ، وبدل صورهم ، فمنهم على صورة القردة وبعضهم على صورة الخنازير وبعضهم منكسون : أرجلهم أعلاهم ، ووجوههم يسحبون عليها ، وبعضهم عمي يتردون ، وبعضهم صم بكم لا يعقلون ، وبعضهم يمضغون ألسنتهم ، فهي مدلاة على صدورهم ، يسيل القيح من أفواههم لعابا ، يتقذرهم أهل الجمع ، وبعضهم مقطعة أيديهم وأرجلهم ، وبعضهم مصلبون على جذوع من النار ، وبعضهم أشد نتنا من الجيف ، وبعضهم ملبسون جلابيب سابغة من القطران لاصقة بجلودهم ، فأما الذين على صورة القردة فالقتات من الناس - يعني النمام - وأما الذين على صورة الخنازير ، فأهل السحت والحرام والمكس . وأما المنكسون رؤوسهم ووجوههم ، فأكلة الربا ، والعمي : من يجور في الحكم ، والصم البكم : الذين يعجبون بأعمالهم . والذين يمضغون ألسنتهم : فالعلماء والقصاص الذين يخالف قولهم فعلهم . والمقطعة أيديهم وأرجلهم : فالذين يؤذون الجيران . والمصلبون على جذوع النار : فالسعاة بالناس إلى السلطان ، والذين هم أشد نتنا من الجيف فالذين يتمتعون بالشهوات واللذات ، ويمنعون حق الله من{[15743]} أموالهم . والذين يلبسون الجلابيب : فأهل الكبر والفخر والخيلاء ) .


[15742]:[بن جبل]: ساقطة من الأصل المطبوع.
[15743]:وفي الدر المنثور: حق الله والفقراء . . . الخ.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{يَوۡمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَتَأۡتُونَ أَفۡوَاجٗا} (18)

قوله : { يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا } يوم ، منصوب على البدل من يوم الفصل{[4735]} وسمي اليوم بالفصل ، لأن الله يفصل فيه بين العباد . والصور هو القرن الذي ينفخ فيه ليوم القيامة { فتأتون أفواجا } أي تأتون من القبور إلى الموقف أو العرض أمما ، كل أمة مع إمامهم . وقيل : جماعات جماعات . وحسب المرء في هذا الصدد من ذكر الساعة وأهوالها وفظائعها عبرة وعظة ، ما روي عن معاذ بن جبل قال : قلت : يا رسول الله ، أرأيت قول الله تعالى : { يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا } فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " يا معاذ لقد سألت عن أمر عظيم " ثم أرسل عينيه باكيا ، ثم قال : " يحشر عشرة أصناف من أمتي أشتاتا قد ميزهم الله تعالى من جماعات المسلمين وبدّل صورهم ، فمنهم على صورة القردة ، وبعضهم على صورة الخنازير ، وبعضهم منكّسون : أرجلهم أعلاهم ، ووجوههم يسحبون عليها ، وبعضهم عمي يترددون ، وبعضهم صم بكم لا يعقلون ، وبعضهم يمضغون ألسنتهم فهي مدلاة على صدورهم يسيل القيح من أفواههم لعبا يتقذّرهم أهل الجمع ، وبعضهم مقطعة أيديهم وأرجلهم ، وبعضهم مصلبون على جذوع من النار ، وبعضهم أشد نتنا من الجيف ، وبعضهم ملبسون جلابيب سابغة من القطران لا صقة بجلودهم ، فأما الذين على صورة القردة فالقتّات{[4736]} من الناس . وأما الذين على صورة الخنازير ، فأهل السّحت والحرام والمكس ، وأما المنكسون رؤوسهم ووجوههم فأكلة الربا ، والعمي : من يجور في الحكم ، والصم البكم : الذين يعجبون بأعمالهم ، والذين يمضغون ألسنتهم : فالعلماء والقصّاص الذين يخالف قولهم فعلهم ، والمقطعة أيديهم وأرجلهم : فالذين يؤذون الجيران ، والمصلبون على جذوع النار : فالسعاة بالناس إلى السلطان . والذين هم أشد نتنا من الجيف فالذين يتمتعون بالشهوات واللذات ويمنعون حق الله من أموالهم . والذين يلبسون الجلاليب : فأهل الكبر والفخر والخيلاء " .


[4735]:البيان لابن الأنباري جـ 2 ص 490.
[4736]:القتات: من القت وهو نم الحديث. فالقتات معناه النمام. انظر مختار الصحاح ص 521.