( قل : إن ضللت فإنما أضل على نفسي . وإن اهتديت فبما يوحي إليَّ ربي . إنه سميع قريب ) . .
فلا عليكم إذن إن ضللت . فإنما أضل على نفسي . وإن كنت مهتدياً فإن الله هو الذي هداني بوحيه ، لا أملك لنفسي منه شيئاً إلا بإذنه . وأنا تحت مشيئته أسير فضله .
وهكذا كانوا يجدون الله . هكذا كانوا يجدون صفاته هذه في نفوسهم . كانوا يجدونها رطبة بالحياة الحقيقية . كانوا يحسون أن الله يسمع لهم وهو قريب منهم . وأنه معنى بأمرهم عناية مباشرة ؛ وأن شكواهم ونجواهم تصل إليه بلا واسطة . وأنه لا يهملها ولا يكلها إلى سواه . ومن ثم كانوا يعيشون في أنس بربهم . في كنفه . في جواره . في عطفه . في رعايته . ويجدون هذا كله في نفوسهم حياً ، واقعاً ، بسيطاً ، وليس معنى ولا فكرة ولا مجرد تمثيل وتقريب .
ولما تبين الحق بما دعا إليه الرسول ، وكان المكذبون له ، يرمونه بالضلال ، أخبرهم بالحق ، ووضحه لهم ، وبين لهم عجزهم عن مقاومته ، وأخبرهم أن رميهم له بالضلال ، ليس بضائر الحق شيئا ، ولا دافع ما جاء به .
وأنه إن ضل - وحاشاه من ذلك ، لكن على سبيل التنزل في المجادلة - فإنما يضل على نفسه ، أي : ضلاله قاصر على نفسه ، غير متعد إلى غيره .
{ وَإِنِ اهْتَدَيْتُ } فليس ذلك من نفسي ، وحولي ، وقوتي ، وإنما هدايتي بما { يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي } فهو مادة هدايتي ، كما هو مادة هداية غيري . إن ربي { سَمِيعٌ } للأقوال والأصوات كلها { قَرِيبٌ } ممن دعاه وسأله وعبده .
قوله تعالى : " قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي " وذلك أن الكفار قالوا تركت دين آبائك فضللت . فقال له : قل يا محمد إن ضللت كما تزعمون فإنما أضل على نفسي . وقراءه العامة " ضللت " بفتح اللام . وقرأ يحيى بن وثاب وغيره : " قل إن ضللت " بكسر اللام وفتح الضاد من " أضل " ، والضلال والضلالة ضد الرشاد . وقد ضللت ( بفتح اللام ) أضل ( بكسر الضاد ) ، قال الله تعالى : " قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي " فهذه لغة نجد وهي الفصيحة . وأهل العالية يقولون " ضللت " بالكسر " أضل " {[13079]} ، أي إثم ضلالتي على نفسي . " وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي " من الحكمة والبيان " إنه سميع قريب " أي سميع ممن دعاه قريب الإجابة . وقيل وجه النظم : قل إن ربي يقذف بالحق ويبين الحجة ، وضلال من ضل لا يبطل الحجة ، ولو ضللت لأضررت بنفسي ، لا أنه يبطل حجة الله ، وإذا اهتديت فذلك فضل الله إذ ثبتني على الحجة إنه سميع قريب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.