مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{قُلۡ إِن ضَلَلۡتُ فَإِنَّمَآ أَضِلُّ عَلَىٰ نَفۡسِيۖ وَإِنِ ٱهۡتَدَيۡتُ فَبِمَا يُوحِيٓ إِلَيَّ رَبِّيٓۚ إِنَّهُۥ سَمِيعٞ قَرِيبٞ} (50)

ولما قالوا : قد ضللت بترك دين آبائك قال الله تعالى { قُلْ إِن ضَلَلْتُ } عن الحق { فَإِنَّمَا أَضِلُّ على نَفْسِى } إن ضللت فمني وعليّ { وَإِنِ اهتديت فَبِمَا يُوحِى إِلَىَّ رَبّى } أي فتبسديده بالوحي إلي . وكان قياس التقابل أن يقال وإن اهتديت فإنما أهتدي لها كقوله : { فَمَنِ اهتدى فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا } [ الزمر : 41 ] . ولكن هما متقابلان معنى ، لأن النفس كل ما عليها وضار لها فهو بها وبسببها لأنها الأمارة بالسوء ، وما لها مما ينفعها فبهداية ربها وتوفيقه ، وهذا حكم عام لكل مكلف ، وإنما أمر رسوله أن يسنده إلى نفسه لأن الرسول إذا دخل تحته مع جلالة محله وسداد طريقته كان غيره أولى به { إِنَّهُ سَمِيعٌ } لما أقوله لكم { قَرِيبٌ } مني ومنكم يجازيني ويجازيكم .