تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قُلۡ إِن ضَلَلۡتُ فَإِنَّمَآ أَضِلُّ عَلَىٰ نَفۡسِيۖ وَإِنِ ٱهۡتَدَيۡتُ فَبِمَا يُوحِيٓ إِلَيَّ رَبِّيٓۚ إِنَّهُۥ سَمِيعٞ قَرِيبٞ} (50)

الآية 50 وقوله تعالى : { إن ضللت } بكسر اللام{[17100]} ونصبها ، كلاهما لغتان . قال الكسائيّ : تقول العرب : ضَلّ يضِلّ ضَلَالةً ، وضَلّ يضِلّ بالخفض والنصب جميعا .

ثم قوله : { إن ضللت فإنما أضل على نفسي } يخرّج على وجهين :

أحدهما : { إن ضللت } فإنما{[17101]} يكون ضرر ضلالي على نفسي ، لا يكون على الله من ذلك شيء كقوله : { إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها } [ الإسراء : 7 ] وقوله : { من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها } [ فصلت : 46 والجاثية : 15 ] .

والثاني : { إن ضللت } فإنما يكون ذلك على نفسي ، ولا يكون على أنفسكم من ضلالي شيء كقوله : { إن افتريته فعلى إجرامي وأنا بريء مما تُجرمون } [ هود : 35 ] ونحوه .

وقوله تعالى : { وإن اهتديت فبما يوحي إليّ ربي } هذا يخرّج أيضا على وجهين :

أحدهما : { وإن اهتديت } إلى طاعة الله وشرائع الدين { فبما يوحي إليّ ربي } في ذلك ، أي فبوحيه اهتديت إلى ذلك .

والثاني : { إن اهتديت } إلى دينه فبهدايته وبتوفيقه إياي وعصمته اهتديت .

أضاف الهداية إلى الله والضلال إلى نفسه ، فهو لما ذكرنا : أن كان من الله إليه لطف في ذلك [ ليس ذلك ]{[17102]} في الضلال . وعلى قول المعتزلة يجيء أن يكون المعنى فيهما واحدا لأنهم يقولون : إنه لا يكون من الله سوى [ الأمر ]{[17103]} والنهي ، فلا يكون منه إليه في الهداية إلا كما منه في الضلال ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { إنه سميع قريب } قال بعضهم : { سميع } أي مجيب الداعي كقوله { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعانِ } الآية [ البقرة : 186 ] وقال بعضهم : { سميع } لمقالتكم لمحمد [ حين قلتم ]{[17104]} له : لقد ضللت حين تركت دين آبائك { قريب } أي مجيب له . وقيل : سميع الدعاء ، قريب الإجابة ، والله أعلم .


[17100]:انظر معجم القراءات القرآنية ج5/168.
[17101]:في الأصل وم: فما.
[17102]:من م، ساقطة من الأصل.
[17103]:ساقطة من الأصل وم.
[17104]:في الأصل وم: حيث قالوا.