في عمد ممددة : قيل : هي القيود والأثقال ، وقيل : العمد التي تتخذ لإيصاد أبواب جهنم على من فيها .
أي : هم موثوقون في سلاسل وأغلال ، تشد بها أيديهم وأرجلهم بعد إطباق أبواب جهنم عليهم ، ثم إن إطباق الأبواب عليهم وإغلاقها يعقبه وضع أعمدة طويلة ممتدة على أبوابها ، هو تصوير لشدة الإطباق وإحكامه ، وتأكيد لليأس من الخلاص .
اللهم أجرنا من النار ، ومن عذاب النار ، ومن كل عمل يقربنا إلى النار ، وأدخلنا الجنة مع الأبرار ، بفضلك وكرمك يا عزيز يا غفار .
تم تفسير سورة ( الهمزة ) منتصف ليلة الإثنين 19 من ربيع الأول 1422 ه ، الموافق 11/6/2001 م .
والحمد لله حمدا كثيرا طيبا طاهرا مباركا فيه ، كما يرضى ربنا ويحب ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
رواه الترمذي في صفة جهنم ( 2591 ) من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أوقد على النار ألف سنة حتى احمرت قم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت فهي سوداء مظلمة ) .
وقال الترمذي : حدثنا سويد أخبرنا عبد الله بن المبارك عن شريك عن عاصم عن أبي صالح أو رجل آخر عن أبي هريرة نحوه ولم يرفعه : قال أبو عيسى : حديث أبي هريرة في هذا موقوفا أصح ، ولا أعلم أحدا رفعه غير يحيى بن أبي بكير عن شريك .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
طبقت الأبواب ثم شدت بأوتاد من حديد من نار ، حتى يرجع عليهم غمها وحرها ، فلا يفتح عليهم باب ، ولا يدخل عليهم روح ، ولا يخرج منها غم آخر الأبد . ...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
قوله : { فِي عَمَدٍ مُمَدّدَةٍ } ... اختلف أهل التأويل في معنى ذلك ؛
فقال بعضهم : إنها عليهم مُؤصدة بعمد ممدّدة : أي مغلقة مطبقة عليهم ...
وقال آخرون : بل معنى ذلك : إنما دخلوا في عمد ، ثم مدّت عليهم تلك العمد بعماد ...
وقال آخرون : هي عَمَد يعذّبون بها ...
وأولى الأقوال بالصواب في ذلك قول من قال : معناه أنهم يعذّبون بعمد في النار ، والله أعلم كيف تعذيبه إياهم بها ، ولم يأتنا خبر تقوم به الحجة بصفة تعذيبهم بها ، ولا وُضِعَ لنا عليها دليل ، فندرك به صفة ذلك ، فلا قول فيه ، غير الذي قلنا يصحّ عندنا ، والله أعلم .
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
والمعنى : أنه يؤكد يأسهم من الخروج وتيقنهم بحبس الأبد ، فتؤصد عليهم الأبواب ، وتمدد على الأبواب العمد ، استيثاقاً في استيثاق . ويجوز أن يكون المعنى : إنها عليهم مؤصدة ، موثقين في عمد ممدّدة ، مثل المقاطر التي تقطر فيها اللصوص . ...
.........................................................
المسألة الثانية : العمود كل مستطيل من خشب أو حديد ، وهو أصل للبناء ، يقال : عمود البيت للذي يقوم به البيت .
المسألة الثالثة : في تفسير الآية وجهان ؛
( الأول ) : أنها عمد أغلقت بها تلك الأبواب كنحو ما تغلق به الدروب ، وفي بمعنى الباء أي أنها عليهم مؤصدة بعمد مدت عليها ، ولم يقل : بعمد لأنها لكثرتها صارت كأن الباب فيها .
( والقول الثاني ) : أن يكون المعنى : { إنها عليهم مؤصدة } حال كونهم موثقين : { في عمد ممددة } ....
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{ في } أي حال كونهم موثقين في { عمد } بفتحتين وبضمتين جمع عمود { ممددة } أي معترضة ، كأنها موضوعة على الأرض ، فهي في غاية المكنة ، فلا يستطيع الموثق بها على نوع حيلة في أمرها ، فهو تأكيد ليأسهم من الخروج بالإيثاق بعد الإيصاد ، وهذا أعظم الويل ، وأشد النكال ، فقد رجع آخرها على أولها ، وكان لمفصلها أشد التحام بموصلها ، ...
تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :
والمراد بذلك تصوير شدة إطباق النار على هؤلاء وإحكامها عليهم ، والمبالغة في ذلك ليودع في قلوبهم اليأس من الخلاص منها . وعلينا أن نؤمن بذلك ولا نبحث عن كون العمد من نار أو حديد ، ولا في أنها تمتد طولا أو عرضا ، ولا في أنها مشبهة لعمد الدنيا ؛ بل نكل أمر ذلك إلى الله ؛ لأن شأن الآخرة غير شأن الدنيا ، ولم يأتنا خبر من الرسول صلى الله عليه وسلم يبين ذلك ، فالكلام فيه قول بلا علم ، وافتراء على الله الكذب . ...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
وكل هذه الأوصاف تقوية لتمثيل شدة الإِغلاظ عليهم بأقصى ما يبلغه متعارف الناس من الأحوال .
تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :
وهذه هي الصورة البائسة التي يعيش فيها هؤلاء الأغنياء الطغاة الذين استكبروا على رسالات الله ، فكفروا بها ، وكذبوا الرسل الذين جاءوا بها ... إنها صورة المصير الذليل الذي يريد الله أن يقدّمه إليهم ، وإلى الذين يريدون أن يقتدوا بهم ، ليتراجعوا عن ذلك ، فينفتحوا على الله ، وعلى الجانب الخيّر من الحياة ، في ما يؤكده الله من السير على الصراط المستقيم في ذلك كله . ...
{ في عمد ممددة } العمد جمع عمود ، وهو عند سيبويه اسم جمع ، وقرئ عمد بضمتين ، والعمود هو المستطيل من حديد أو خشب ، والممددة الطويلة ، وفي المعنى قولان :
أحدهما : أن أبواب جهنم أغلقت عليهم ، ثم مدت على أبوابها عمد تشديدا في الإغلاق والثقاف كما تثقف أبواب البيوت بالعمد ، وهو على هذا متعلق بمؤصدة .
والآخر : أنهم موثوقون مغلولون في العمد ، فالمجرور على هذا في موضع خبر مبتدأ مضمر تقديره هم موثوقون في عمد .
ولما كانت عادتهم في المنع من التصرف أن يضعوا خشبة عظيمة تسمى المقطرة فيها حلق توثق فيها الرجل ، فلا يقدر صاحبها بعد ذلك على حراك ، قال مصوراً لعذابهم بحال من ضمير " عليهم " : { في } أي حال كونهم موثقين في { عمد } بفتحتين وبضمتين جمع عمود { ممددة * } أي معترضة ، كأنها موضوعة على الأرض ، فهي في غاية المكنة ، فلا يستطيع الموثق بها على نوع حيلة في أمرها ، فهو تأكيد ليأسهم من الخروج بالإيثاق بعد الإيصاد ، وهذا أعظم الويل ، وأشد النكال ، فقد رجع آخرها على أولها ، وكان لمفصلها أشد التحام بموصلها ، والله الموفق للصواب ، وإليه المرجع والمآب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.