في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقۡرِضُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا فَيُضَٰعِفَهُۥ لَهُۥ وَلَهُۥٓ أَجۡرٞ كَرِيمٞ} (11)

ثم مرحلة أخرى في استجاشة القلوب للإيمان والبذل ، ومؤثرات أخرى وراء تلك المؤثرات :

( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم ? يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم . بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها . ذلك هو الفوز العظيم . يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا : انظرونا نقتبس من نوركم . قيل : ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا . فضرب بينهم بسور له باب ، باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب . ينادونهم : ألم نكن معكم ? قالوا : بلى ! ولكنكم فتنتم أنفسكم ، وتربصتم ، وارتبتم ، وغرتكم الأماني ، حتى جاء أمر الله ، وغركم بالله الغرور . فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا ، مأواكم النار هي مولاكم ، وبئس المصير ) . .

إنه هتاف موح مؤثر آسر . وهو يقول للعباد الفقراء المحاويج : ( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا ? ) . . ومجرد تصور المسلم أنه هو الفقير الضئيل يقرض ربه ، كفيل بأن يطير به إلى البذل طيرانا ! إن الناس ليتسابقون عادة إلى إقراض الثري المليء منهم - وهم كلهم فقراء - لأن السداد مضمون . ولهم الاعتزاز بأن أقرضوا ذلك الثري المليء ! فكيف إذا كانوا يقرضون الغني الحميد ? !

ولا يكلهم - سبحانه - إلى هذا الشعور وحده ، ولكن يعدهم على القرض الحسن ، الخالص له ، المجرد من كل تلفت إلى سواه . يعدهم عليه الضعف في المقدار ، والأجر الكريم بعد ذلك من عند الله : ( فيضاعفه له ، وله أجر كريم ) .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقۡرِضُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا فَيُضَٰعِفَهُۥ لَهُۥ وَلَهُۥٓ أَجۡرٞ كَرِيمٞ} (11)

المفردات :

يقرض الله : ينفق ماله في سبيله رجاء ثوابه .

التفسير :

11- { مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ } .

هذا استفهام للحث والتحضيض على الإنفاق في سبيل الله ، وفي سائر وجوه الخير ، فالآية عامة في كل خير ، أي : من ذا الذي ينفق في سبيل الله حتى يعوّضه الله أضعافا كثيرة إلى سبعمائة ضعف ، مع الكرامة والبشرى بالجنة .

وقد كان للسابقين إلى الإسلام النصيب الأوفى من هذا القرض ، وذلك الجزاء الكريم .

أخرج البخاري ، ومسلم ، وغيرهما من حديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تسبّوا أصحابي ، فو الذي نفس محمد بيده ، لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ، ما أدرك مدّ أحدهم ولا نصيفه " 10 .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن مسعود قال : لما نزلت هذه الآية : { مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ . . } . قال أبو الدحداح الأنصاري : يا رسول الله ، وإن الله ليريد منا القرض ؟ قال : " نعم يا أبا الدحداح " قال : أرني يدك يا رسول الله ، فناوله يده ، قال : إني أقرضت ربّي حائطي ( بستاني ) ، وكان له حائط فيه ستمائة نخلة ، وأم الدحداح فيه وعيالها ، قال : فجاء أبو الدحداح ، فناداها : يا أم الدحداح ، قالت لبيك ، اخرجي فقد أقرضته ربّي عز وجل .

وفي رواية أنها قالت له : ربح بيعك يا أبا الدحداح ، ونقلت منه متاعها وصبيانها .

وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كم من عذق رداح ، في الجنة لأبي الدحداح " .

وجاء في مختصر تفسير ابن كثير :

( العِذق ) : القنو من النخل ، والعنقود من العنب .

و( رداح ) : ضخم مخصب .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقۡرِضُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا فَيُضَٰعِفَهُۥ لَهُۥ وَلَهُۥٓ أَجۡرٞ كَرِيمٞ} (11)

مَن ذا الذي يُقرض اللهَ : من ذا الذي ينفق في سبيل الله .

ثم نَدَبَ إلى الإنفاق بأسلوبٍ رقيق جميلٍ حيثُ جعل المنفِقَ في سبيل الله كالذي يُقْرِض الله ، والله غنيٌّ عن العالمين . فقال :

{ مَّن ذَا الذي يُقْرِضُ الله قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ }

هل هناك أجملُ من هذا التعبير ! مَن هذا الذي ينفِق أمواله في سبيل الله محتسباً أجره عند ربه ، فيضاعِف الله له ذلك القَرض ، إذ يجعل له بالحسنة الواحدة سبعمائة ، وفوق ذلك له جزاءٌ كريم عند ربّه ، وضيافةٌ كريمة في جنة المأوى .

قراءات :

قرأ ابن كثير : فيضعّفُه بتشديد العين وضم الفاء . وقرأ ابن عامر مثله : فيضعّفَه بالتشديد ولكن ينصب الفاء . والباقون : فيضاعفَه بالألف ونصب الفاء .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقۡرِضُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا فَيُضَٰعِفَهُۥ لَهُۥ وَلَهُۥٓ أَجۡرٞ كَرِيمٞ} (11)

ثم حث على النفقة في سبيله ، لأن الجهاد متوقف على النفقة فيه ، وبذل الأموال في التجهز له ، فقال : { مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا } وهي النفقة [ الطيبة ] التي تكون خالصة لوجه الله ، موافقة لمرضاة الله ، من مال حلال طيب ، طيبة به نفسه ، وهذا من كرم الله تعالى [ حيث ] سماه قرضا ، والمال ماله ، والعبد عبده ، ووعد بالمضاعفة عليه أضعافا كثيرة ، وهو الكريم الوهاب ، وتلك المضاعفة محلها وموضعها يوم القيامة ، يوم كل يتبين فقره ، ويحتاج إلى أقل شيء من الجزاء الحسن ، ولذلك قال :

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقۡرِضُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا فَيُضَٰعِفَهُۥ لَهُۥ وَلَهُۥٓ أَجۡرٞ كَرِيمٞ} (11)

{ من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا } ذكر تفسيره في سورة البقرة