وفي النهاية يوجه الخطاب إلى المؤمنين يحذرهم فتنة الأزواج والأولاد والأموال ، ويدعوهم إلى تقوى الله ، والسمع والطاعة والإنفاق ، كما يحذرهم شح الأنفس ، ويعدهم على ذلك مضاعفة الرزق والمغفرة والفلاح . ويذكرهم في الختام بعلم الله للحاضر والغائب ، وقدرته وغلبته ، مع خبرته وحكمته :
( يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم ، وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم . إنما أموالكم وأولادكم فتنة ، والله عنده أجر عظيم . فاتقوا الله ما استطعتم ، واسمعوا وأطيعوا ، وأنفقوا خيرا لأنفسكم ، ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون . إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ، ويغفر لكم ، والله شكور حليم . عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم ) . .
وقد ورد عن ابن عباس - رضي الله عنه - في الآية الأولى من هذا السياق وقد سأله عنها رجل فقال : فهؤلاء رجال أسلموا من مكة ، فأرادوا أن يأتوا إلى رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم . فلما أتوا رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] رأوا الناس قد فقهوا في الدين ، فهموا أن يعاقبوهم ، فأنزل الله هذه الآية : ( وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم ) . . وهكذا رواه الترمذي بإسناد آخر وقال : حسن صحيح . وهكذا قال عكرمة مولى ابن عباس .
ولكن النص القرآني أشمل من الحادث الجزئي وأبعد مدى وأطول أمدا . فهذا التحذير من الأزواج والأولاد كئالتحذير الذي في الآية التالية من الأموال والأولاد معا : أنما أموالكم وأولادكم فتنة . . والتنبيه إلى أن من الأزواج والأولاد من يكون عدوا . . إن هذا يشير إلى حقيقة عميقة في الحياة البشرية . ويمس وشائج متشابكة دقيقة في التركيب العاطفي وفي ملابسات الحياة سواء . فالأزواج والأولاد قد يكونون مشغلة وملهاة عن ذكر الله . كما أنهم قد يكونون دافعا للتقصير في تبعات الإيمان اتقاء للمتاعب التي تحيط بهم لو قام المؤمن بواجبه فلقي ما يلقاه المجاهد في سبيل الله ! والمجاهد في سبيل الله يتعرض لخسارة الكثير ، وتضحية الكثير . كما يتعرض هو وأهله للعنت . وقد يحتمل العنت في نفسه ولا يحتمله في زوجه وولده . فيبخل ويجبن ليوفر لهم الأمن والقرار أو المتاع والمال ! فيكونون عدوا له ، لأنهم صدوه عن الخير ، وعوقوه عن تحقيق غاية وجوده الإنساني العليا . كما أنهم قد يقفون له في الطريق يمنعونه من النهوض بواجبه ، اتقاء لما يصيبهم من جرائه ، أو لأنهم قد يكونون في طريق غير طريقه ، ويعجز هو عن المفاصلة بينه وبينهم والتجرد لله . . وهي كذلك صور من العداوة متفاوتة الدرجات . . وهذه وتلك مما يقع في حياة المؤمن في كل آن .
ومن ثم اقتضت هذه الحال المعقدة المتشابكة ، التحذير من الله ، لإثارة اليقظة في قلوب الذين آمنوا ، والحذر من تسلل هذه المشاعر ، وضغط هذه المؤثرات .
التحذير من فتنة الأزواج والأولاد
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ( 14 ) إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ( 15 ) فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ( 16 ) إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ ( 17 ) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ( 18 ) }
فاحذروهم : فكونوا منهم على حذر ، ولا تطيعوهم .
وتصفحوا : تُعرضوا عن التّعيير والتأنيب .
تغفروا : تستروا ذنوبهم وإساءاتهم .
14- { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } .
نداء إلهي علوي إلى جميع المؤمنين ، محذرا ومبينا أن بعض الأزواج وبعض الأولاد يحملون أزواجهم وآباءهم على بيع ثوابهم وآخرتهم ، وجنات ربهم ، وشراء عرض الحياة الدنيا .
فقد تُزين الزوجة لزوجها ترك الجهاد ، أو ترك الزكاة أو الصدقة ، أو المساهمة في عمل خير ، أو ترك حقوق ضرتها ، وعدم إعطائها حقها ، فيطيع الزوج زوجته ، والطاعة لا تكون إلا في المعروف ، وقد يطلب الابن طلبا غير متيسر لأبيه من طرق الحلال ، فربما ارتكب السرقة أو الرشوة ، أو أخذ المال الحرام أو الشبهات في سبيل مرضاة الابن .
لذلك حذرنا القرآن من طاعة الزوجة التي تأمر بالمنكر ، ومن طاعة الولد الذي يُحرض أباه على الحرام ، قال تعالى : { فَاحْذَرُوهُمْ } . أي : كونوا على حذر من طلبات لا تتفق مع مرضاة الله ، وأوامر رسوله وتشريع دينه .
{ وَإِنْ تَعْفُوا } . عن ذنوبهم ، وتتجاوزوا عن سيئاتهم التي تقبل العفو ، أو الأخطاء التي أعقبتها توبة من الزوجة أو الأولاد .
وَتَصْفَحُوا . تعرضوا عن التعبير والتأنيب واللوم .
وَتَغْفِرُوا . تسامحوهم ، وتأخذوا بأيديهم وتساعدوهم على معذرتهم وتوبتهم ، واستقامتهم وسلوكهم المستقيم .
{ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } .
فإن من صفات الله المغفرة ، وستر الذنوب ، وقبول التوبة ، ومحو السيئات ، فتخلقوا بأخلاق الإسلام ، وسامحوا أزواجكم وأولادكم ، حتى يسامحكم الله ويغفر لكم .
{ يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم } نزلت في قوم آمنوا وأرادوا الهجرة فثبطهم أهلهم وأولادهم وقالوا لا نصبر على مفارقتكم فأخبر الله تعالى أنهم أعداء لهم بحملهم اياهم على المعصية وترك الطاعة { فاحذروهم } أن تقبلوا منهم ولا تطيعوهم ثم اذا هاجر الذي ثبطه أهله عن الهجرة رأى الناس قد تعلموا القرآن وتفقهوا في الدين فيهم أن يعاقب أهله فقال الله تعالى { وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم }
الأولى- قوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم " قال ابن عباس : نزلت هذه الآية بالمدينة في عوف بن مالك الأشجعي ، شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم جفاء أهله وولده ، فنزلت . ذكره النحاس . وحكاه الطبري عن عطاء بن يسار قال : نزلت سورة " التغابن " كلها بمكة إلا هؤلاء الآيات : " يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم " نزلت في عوف بن مالك الأشجعي كان ذا أهل وولد ، وكان إذا أراد الغزو بكوا إليه ورققوه فقالوا : إلى من تدعنا ؟ فيرق فيقيم ، فنزلت : " يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم " الآية كلها بالمدينة في عوف بن مالك الأشجعي . وبقية الآيات إلى آخر السورة بالمدينة . وروى الترمذي عن ابن عباس - وسأله رجل عن هذه الآية " يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروه " - قال : هؤلاء رجال أسلموا من أهل مكة وأرادوا أن يأتوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم أن يأتوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم رأوا الناس قد فقهوا في الدين هموا أن يعاقبوهم ؛ فأنزل الله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم " الآية . هذا حديث حسن صحيح .
الثانية- قال القاضي أبو بكر بن العربي : هذا يبين وجه العداوة ، فان العدو لم يكن عدوا لذاته وإنما كان عدوا بفعله . فإذا فعل الزوج والولد فعل العدو كان عدوا ، ولا فعل أقبح من الحيلولة بين العبد وبين الطاعة . وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الشيطان قعد لابن آدم في طريق الإيمان فقال له : أتؤمن وتذر دينك ودين آبائك ؟ فخالفه فآمن ثم قعد له على طريق الهجرة ، فقال له : أتهاجر وتترك مالك وأهلك ؟ فخالفه فهاجر ثم قعد له على طريق الجهاد ، فقال له : أتجاهد فتقتل نفسك فتنكح نساؤك ويقسم مالك ؟ فخالفه فجاهد فقتل ، فحق على الله أن يدخله الجنة ) . وقعود الشيطان يكون بوجهين : أحدهما : يكون بالوسوسة . والثاني : بأن يحمل على ما يريد من ذلك الزوج والولد والصاحب ، قال الله تعالى : " وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم{[15050]} " [ فصلت : 25 ] . وفي حكمة عيسى عليه السلام : من اتخذ أهلا ومالا وولدا كان للدنيا عبدا . وفي صحيح الحديث بيان أدنى من ذلك في حال العبد ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس{[15051]} عبد الخميصة تعس عبد القطيفة تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش ) . ولا دناءة أعظم من عبادة الدينار والدرهم ، ولا همة أخس من همة ترتفع بثوب جديد .
الثالثة- كما أن الرجل يكون له ولده وزوجه عدوا كذلك المرأة يكون لها زوجها وولدها عدوا بهذا المعنى بعينه . وعموم قوله : " من أزواجكم " يدخل فيه الذكر والأنثى لدخولهما في كل آية . والله أعلم .
الرابعة- قوله تعالى : " فاحذروهم " معناه على أنفسكم . والحذر على النفس يكون بوجهين : إما لضرر في البدن ، وإما لضرر في الدين . وضرر البدن يتعلق بالدنيا ، وضرر الدين يتعلق بالآخرة . فحذر الله سبحانه العبد من ذلك وأنذره به .
الخامسة- قوله تعالى : " وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم " روى الطبري عن عكرمة في قوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم " قال : كان الرجل يريد أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيقول له أهله : أين تذهب وتدعنا ؟ قال : فإذا أسلم وفقه قال : لأرجعن إلى الذين كانوا ينهون عن هذا الأمر ، فلأفعلن ولأفعلن ، قال : فأنزل الله عز وجل : " وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم " . وقال مجاهد في قوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم " قال : ما عادوهم في الدنيا ولكن حملتهم مودتهم على أن أخذوا لهم الحرام فأعطوه إياهم . والآية عامة في كل معصية يرتكبها الإنسان بسبب الأهل والولد . وخصوص السبب لا يمنع عموم{[15052]} الحكم .
ولما كانت أوامر الدين تارة تكون باعتبار الأمر الديني من سائر الطاعات المحضة ، وتارة باعتبار الأمر التكويني وهو ما كان بواسطة مال أو أهل أو ولد ، أتم سبحانه القسم الأول في الآيتين الماضيتين ، شرع في الأمر الثاني لأنه قد ينشأ عنه فتنة في الدين وقد ينشأ عنه فتنة في الدنيا ، ولما كانت الفتنة{[65842]} بالإقبال عليه والإعراض عنه أعظم الفتن ، لأنها تفرق بين المرء وزوجه وبين المرء وابنه وتذهل الخليل عن خليله - كما شوهد ذلك في بدء الإسلام ، وكان أعظم ذلك في الردة ، وكان قد تقدم النهي عن إلهاء الأموال والأولاد ، وكان النهي عن ذلك في الأولاد نهياً عنه في الأزواج بطريق الأولى ، فلذلك اقتصر عليهم دون الأزواج ، وكان المأمور بالتوكل ربما رأى أن تسليم قياده لكل أحد لا يقدح في التوكل ، أشار إلى أن{[65843]} بناء هذه الدار على الأسباب مانع من ذلك فأمر بنحو " اعقلها وتوكل " " واحرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز " الحديث ، فقال جواباً عن ذلك لمن يحتاج إلى السؤال عن مثله مبيناً للأوامر بالاعتبار للامتحان التكويني وإن كان أولى الناس ببذل الجهد في تأديبه وتقويمه وتهذيبه أقرب الأقارب وألصق الناس بالإنسان وهو كالعلة لآخر " المنافقون " : { يا أيها الذين آمنوا } ولما كان الأزواج أقرب عداوة من الأولاد قدمهن ، فقال مؤكداً لمن يستبعد ذلك : { إن من أزواجكم } وإن أظهرن غاية المودة { وأولادكم } وإن أظهروا أيضاً{[65844]} غاية {[65845]}الشفقة و{[65846]}الحنان { عدواً لكم } أي لشغلهم لكم عن الدين أو{[65847]} لغير ذلك من جمع المال وتحصيل الجاه لأجلهم والتهاون بالنهي عن المنكر فإن الولد مجبنة وغير ذلك{[65848]} ، قال أبو حيان{[65849]} رحمه الله تعالى : ولا أعدى على الرجل من زوجه وولده إذا كانا عدوين وذلك في الدنيا والآخرة ، أما في الدنيا فبإذهاب ماله -{[65850]} كما هو معروف{[65851]} - وعرضه ، وأما في الآخرة فيما يسعى في اكتسابه{[65852]} من الحرام لأجلهم وبما يكسبانه منه بسبب جاهه .
فالرجل من رأى ذلك نعمة من الله فجعله معيناً{[65853]} له على طاعته لا قاطعاً ومعوقاً عما يرضيه بأن يلتهي{[65854]} بمحبته وعداوته وبغضته . ولما أخبر عن العداوة ، عبر بما قد يفهم الواحد فقط تخفيفاً ، ولما أمر بالحذر جمع إشارة إلى زيادة التحذير والخوف من كل أحد ولو كان أقرب الأقرباء لأن الحزم سوء الظن كما رواه الطبراني في الأوسط ، فسبب عن الإخبار بالعداوة الأمر بالحذر{[65855]} في قوله : { فاحذروهم } أي بأن تتقوا الله في كل أمرهم فتطلبوا في السعي عليهم الكفاف من حله وتقتصروا عليه ، ولا يحملنكم حبهم{[65856]} على غير ذلك ، وليشتد حذركم منهم بالعمل بما أمر الله حتى في العدل بينهم لئلا يتمكنوا من أذاكم فيعظم بهم الخطب ويكون فاتناً لكم في الدين إما بالردة - والعياذ بالله تعالى - أو بالشغل عن الطاعة أو بالإقحام في المعصية ومخالفة السنة والجماعة .
ولما كان قد يقع منهم ما يؤذي مع الحذر لأنه لا يغني من قدر أو مع الاستسلام ، وكان وكل المؤذي إلى الله أولى وأعظم في الاستنصار ، قال مرشداً إلى ذلك : { وإن تعفوا } أي توقعوا المجاوزة عن ذنوبهم بعدم العقاب عليها فإنه لا فائدة في ذلك لأن من طبع على شيء لا يرجع ، وإنما النافع الحذر الذي أرشد إليه سبحانه لئلا يكون سبباً للو المنهي عنه .
ولما كان الرجوع عن الحظوظ صعباً جداً ، أكد سبحانه فقال : { وتصفحوا } أي بالإعراض عن المقابلة بالتثريب باللسان { وتغفروا } أي{[65857]} بأن تستروا ذنوبهم ستراً تاماً شاملاً{[65858]} للعين والأثر بالتجاوز بعد ترك العقاب عن العتاب ، فلا يكون منكم اشتغال بعداوتهم{[65859]} ولا ما قد يجرها عما ينفع من الطاعة ، ولما كان التقدير : يغفر الله لكم ، سبب عنه قوله : { فإن الله } أي الجامع لصفات الكمال { غفور } أي بالغ المحو {[65860]}لأعيان الذنوب وآثرها{[65861]} جزاء لكم على غفرانكم لهم وهو جدير بأن يصلحهم لكم بسبب غفرانكم لهم فإنه { رحيم * } يزيدكم بعد ذلك الستر الإكرام بالإنعام إن أكرمتموهم ، فتخلقوا بأخلاقه سبحانه يزدكم{[65862]} من فضله .