في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَّا يَأۡتِيهِ ٱلۡبَٰطِلُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَلَا مِنۡ خَلۡفِهِۦۖ تَنزِيلٞ مِّنۡ حَكِيمٍ حَمِيدٖ} (42)

37

( وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه . تنزيل من حكيم حميد ) . .

وأنى للباطل أن يدخل على هذا الكتاب . وهو صادر من الله الحق . يصدع بالحق . ويتصل بالحق الذي تقوم عليه السماوات والأرض ?

وأنى يأتيه الباطل وهو عزيز . محفوظ بأمر الله الذي تكفل بحفظه فقال : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) .

والمتدبر لهذا القرآن يجد فيه ذلك الحق الذي نزل به ، والذي نزل ليقره . يجده في روحه ويجده في نصه . يجده في بساطة ويسر . حقاً مطمئناً فطرياً ، يخاطب أعماق الفطرة ، ويطبعها ويؤثر فيها التأثير العجيب .

وهو ( تنزيل من حكيم حميد ) . . والحكمة ظاهرة في بنائه ، وفي توجيهه ، وفي طريقة نزوله ، وفي علاجه للقلب البشري من أقصر طريق . والله الذي نزله خليق بالحمد . وفي القرآن ما يستجيش القلب لحمده الكثير .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لَّا يَأۡتِيهِ ٱلۡبَٰطِلُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَلَا مِنۡ خَلۡفِهِۦۖ تَنزِيلٞ مِّنۡ حَكِيمٍ حَمِيدٖ} (42)

وقوله : لا يأتِيهِ الباطِلُ مِنْ بَينِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ اختلف أهل التأويل في تأويله فقال بعضهم : معناه : لا يأتيه النكير من بين يديه ولا من خلفه . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن أشعث ، عن جعفر ، عن سعيد لا يَأْتِيهِ الباطِلُ مِنْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ قال : النكير من بين يديه ولا من خلفه .

وقال آخرون : معنى ذلك : لا يستطيع الشيطان أن ينقص منه حقا ، ولا يزيد فيه باطلاً ، قالوا : والباطل هو الشيطان .

وقوله : مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ من قِبَل الحقّ وَلا مِنْ خَلْفِهِ من قِبلَ الباطل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة لا يَأْتِيهِ الباطِلُ مِنْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ الباطل : إبليس لا يستطيع أن ينقص منه حقا ، ولا يزيد فيه باطلاً .

وقال آخرون : معناه : إن الباطل لا يطيق أن يزيد فيه شيئا من الحروف ولا ينقص منه شيئا منها . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ لا يَأْتِيهِ الباطِلُ مِنْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ قال : الباطل : هو الشيطان لا يستطيع أن يزيد فيه حرفا ولا ينقص .

وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب أن يقال : معناه : لا يستطيع ذو باطل بكيده تغييره بكيده ، وتبديل شيء من معانيه عما هو به ، وذلك هو الإتيان من بين يديه ، ولا إلحاق ما ليس منه فيه ، وذلك إتيانه من خلفه .

وقوله : تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حِمِيدٍ يقول تعالى ذكره : هو تنزيل من عندي ذي حكمة بتدبير عباده ، وصرفهم فيما فيه مصالحهم ، حميد يقول : محمود على نعمه عليهم بأياديه عندهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَّا يَأۡتِيهِ ٱلۡبَٰطِلُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَلَا مِنۡ خَلۡفِهِۦۖ تَنزِيلٞ مِّنۡ حَكِيمٍ حَمِيدٖ} (42)

وقوله : { لا يأتيه الباطل } قال قتادة والسدي : يريد الشيطان ، وظاهر اللفظ يعم الشيطان وأن يجيء أمر يبطل منه شيئاً .

وقوله : { من بين يديه } معناه ليس فيما تقدمه من الكتب ما يبطل شيئاً منه . وقوله : { ولا من خلفه } أي ليس يأتي بعده من نظر ناظر وفكرة عاقل ما يبطل أشياء منه ، والمراد باللفظ على الجملة : لا يأتيه الباطل من جهة من الجهات . وقوله : { تنزيل } خبر ابتداء ، أي هو تنزيل .