في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يُوسُفُ أَعۡرِضۡ عَنۡ هَٰذَاۚ وَٱسۡتَغۡفِرِي لِذَنۢبِكِۖ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ ٱلۡخَاطِـِٔينَ} (29)

والتفاتة إلى يوسف البريء :

( يوسف أعرض عن هذا ) . .

فأهمله ولا تعره اهتماما ولا تتحدث به . . وهذا هو المهم . . محافظة على الظواهر !

وعظة إلى المرأة التي راودت فتاها عن نفسه ، وضبطت متلبسة بمساورته وتمزيق قميصه :

( واستغفري لذنبك . إنك كنت من الخاطئين ) . .

إنها الطبقة الأرستقراطية ، من رجال الحاشية ، في كل جاهلية . قريب من قريب !

ويسدل الستار على المشهد وما فيه . . وقد صور السياق تلك اللحظة بكل ملابساتها وانفعالاتها ولكن دون أن ينشيء منها معرضا للنزوة الحيوانية الجاهرة ، ولا مستنقعا للوحل الجنسي المقبوح !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يُوسُفُ أَعۡرِضۡ عَنۡ هَٰذَاۚ وَٱسۡتَغۡفِرِي لِذَنۢبِكِۖ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ ٱلۡخَاطِـِٔينَ} (29)

القول في تأويل قوله تعالى : { يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هََذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ } .

وهذا فيما ذكر ابن عباس ، خبر من الله تعالى ذكره عن قيل الشاهد : إنه قال للمرأة وليوسف ، يعني بقوله : { يُوسُفُ } : يا يوسف ، { أعْرِضْ عَنْ هَذَا } ، يقول : أعرض عن ذكر ما كان منها إليك فيما راودتك عليه ، فلا تذكره لأحد . كما :

حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : { يُوسُفُ أعْرِضْ عَنْ هَذَا } ، قال : لا تذكره ، { واسْتَغْفِري } ، أنت زوجك ، يقول : سليه أن لا يعاقبك على ذنبك الذي أذنبت ، وأن يصفح عنه ، فيستره عليك .

{ إنّكِ كُنْتِ مِنَ الخَاطِئينَ } ، يقول : إنك كنت من المذنبين في مراودة يوسف عن نفسه ، يقال منه : خطىء في الخطيئة يخْطَأُ خَطَأً وَخِطْأً ، كما قال جلّ ثناؤه : { إنّهُ كانَ خِطْأً كَبيرا } ، والخطأ في الأمر ، وحكى في الصواب أيضا : الصّوْب ، والصوب ، كما قال : الشاعر :

لَعَمْرُكِ إنّمَا خَطَئِي وَصَوْبِي *** عليّ وإِنّ ما أهْلَكْتُ مالُ

وينشد بيت أمية :

عبادُكَ يُخْطِئُونَ وأنْتَ رَبٌ *** بكَفّيْكَ المَنايا والحُتُومُ

من خَطِىء الرجل . وقيل : { إنّكِ كُنْتِ مِنَ الخَاطِئينَ } ، لم يقل : من الخاطئات ، لأنه لم يقصد بذلك قصد الخبر عن النساء ، وإنما قصد به الخبر عمن يفعل ذلك فيخطىء .