الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{يُوسُفُ أَعۡرِضۡ عَنۡ هَٰذَاۚ وَٱسۡتَغۡفِرِي لِذَنۢبِكِۖ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ ٱلۡخَاطِـِٔينَ} (29)

ثمّ أقبل قطفير على يوسف فقال : { يُوسُفُ } يعني يا يوسف ، لفظ مفرد { أَعْرِضْ عَنْ هَذَا } الحديث فلا تذكره لأحد ، وقيل : معناه لا تكترث له فقد كان عفوك لبراءتك ، ثمّ قال لامرأته : { وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ } وقيل : هو من الشاهد ليوسف والراحيل ، وأراد بقوله : استغفري لذنبك ، يقول : سلي زوجك ألاّ يعاقبكَ على ذنبك ويصفح عنك ، وهذا معنى قول ابن عباس .

{ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ } من المذنبين حين راودت شابّاً عن نفسه وخُنتِ زوجك ، فلمّا استعصم كذبت عليه ، يقال خطأ يخطأ خطأً ، وخِطأً ، وخطاً وخِطاءً ، إذا أذنب والاسم منه الخطيئة ، قال الله تعالى :

{ إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً } [ الإسراء :31 ] وقال أُميّة :

عبادك يخطأون وأنتَ ربٌّ *** بكفّيك المنايا والحتومُ

أيّ يُذنبون ؛ فإذا أرادوا التعمّد قيل : خَطأ خطأْ هنا لأنّ الفعل بالألف قال الله تعالى :

{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً } [ النساء : 92 ] ، وإنّما قال { مِنَ الْخَاطِئِينَ } ولم يقل : الخاطئات لأنّه لم يقصد بذلك قصد الخبر عن النساء ، وإنّما قصد به الخبر عمّن يفعل ذلك ، وتقديره : من القوم الخاطئين . ومثله قوله :

{ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ } [ التحريم : 12 ] ، بيانه قوله : إنّها كانت من قوم كافرين .