محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{يُوسُفُ أَعۡرِضۡ عَنۡ هَٰذَاۚ وَٱسۡتَغۡفِرِي لِذَنۢبِكِۖ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ ٱلۡخَاطِـِٔينَ} (29)

وقوله تعالى :

[ 29 ] { يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين 29 } .

{ يوسف أعرض عن هذا } نودي بحذف حرف النداء ، لقربه وكمال تفطنه للحديث . / أي يا يوسف أعرض عن هذا الأمر واكتمه ، ولا تحدث به .

{ واستغفري لذنبك } أي الذي وقع منك من إرادة السوء بهذا الشاب ، ثم قذفه بما هو بريء منه .

{ إنك كنت من الخاطئين } أي من جملة القوم المتعمدين للذنب . يقال : خطئ إذا أذنب متعمدا ، وأخطأ إذا فعله من غير تعمد . ولهذا يقال : أصاب الخطأ ، وأخطأ الصواب . وأصاب الصواب . وإيثار جمع السالم تغليبا للذكور على الإناث . ودل هذا على أن العزيز كان رجلا حليما ، إذ اكتفى من مؤاخذتها بهذا المقدار .

قال ابن كثير : أو أنه عذرها أنها رأت ما لا صبر لها عنه ، ويقال : إنه كان قليل الغيرة .

قال الشهاب : وهو لطف من الله تعالى بيوسف عليه السلام .

وقال أبو حيان : إنه مقتضى تربة مصر . انتهى .

وقد تقرر لدى المحققين أن لاختلاف أحوال العمران في الخصب والجدب ، وأقاليمه في الحرارة والبرودة وتوابعها أثرا في أخلاق البشر وأبدانهم انظر المقدمة الرابعة والخامسة من ( مقدمة ابن خلدون ) .