النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{يُوسُفُ أَعۡرِضۡ عَنۡ هَٰذَاۚ وَٱسۡتَغۡفِرِي لِذَنۢبِكِۖ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ ٱلۡخَاطِـِٔينَ} (29)

قوله عز وجل : { يوسف أعرض عن هذا } فيه وجهان :

أحدهما : أعرض عن هذا الأمر ، قال قتادة : على وجه التسلية له في ارتفاع الإثم .

الثاني : أعرض عن هذا القول ، قاله ابن زيد على وجه التصديق له في البراءة من الذنب .

{ واستغفري لذنبك } هذا قول الملك لزوجه [ وهو القائل ] ليوسف [ أعرض عن هذا ] . وفيه قولان :

أحدهما : أنه لم يكن غيوراً فلذلك كان ساكتاً .

الثاني : أن الله تعالى سلبه الغيرة وكان فيه لطف بيوسف حتى كفى بادرته وحلم عنها فأمرها بالاستغفار من ذنبها توبة منه وإقلاعاً عنه{[1447]} .

{ إنك كنت من الخاطئين } يعني من المذنبين ، يقال لمن قصد الذنب خَطِىءَ ، ولمن لم يقصده أخطأ ، وكذلك في الصوب والصواب ، قال الشاعر{[1448]} :

لعمرك إنما خطئي وصوبي{[1449]} *** عليّ وإنما أهلكت مالي

وقال من الخاطئين ولم يقل من الخاطئات لتغليب المذكر على المؤنث .


[1447]:وقيل أن الذي قال "يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك" هو الشاهد وليس العزيز.
[1448]:الصوب والصواب بمعنى واحد هنا. ومن معاني الصوب الجهة. والبيت لاوس بن غلفاء وروايته في اللسان: دعيني إنما خطئي وصـــوبي على وإنما أهلكت مالــي وقبله: إلا قالت أمامة يوم غول تقطع بابن غلفاء الحبال
[1449]:في ك: الحيوان وهو خطأ.