في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يُرۡسَلُ عَلَيۡكُمَا شُوَاظٞ مِّن نَّارٖ وَنُحَاسٞ فَلَا تَنتَصِرَانِ} (35)

ولكن الحملة الساحقة تستمر إلى نهايتها ، والتهديد الرعيب يلاحقهما ، والمصير المردي يتمثل لهما :

( يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران ) . . ( فبأي آلاء ربكما تكذبان ? ) !

إنها صورة من الهول فوق مألوف البشر - وفوق مألوف كل خلق - وفوق تصور البشر وتصور كل خلق . وهي صورة فريدة ، وردت لها نظائر قليلة في القرآن ، تشبهها ولا تماثلها . كما قال تعالى مرة : ( وذرني والمكذبين أولي النعمة ) . . وكما قال : ( ذرني ومن خلقت وحيدا ) . . وما يزال قوله تعالى : ( سنفرغ لكم أيها الثقلان ) . . أعنف وأقوى وأرعب وأدهى . .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{يُرۡسَلُ عَلَيۡكُمَا شُوَاظٞ مِّن نَّارٖ وَنُحَاسٞ فَلَا تَنتَصِرَانِ} (35)

{ يرسل عليكما شواظ من نار } وهو اللهب الذي لا دخان له { ونحاس } وهو الدخان الذي لا لهب له أي يرسل هذا مرة وهذا مرة وهو في يوم القيامة يحاط على الخلق بلسان من نار { فلا تنتصران } أي تمتنعان

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{يُرۡسَلُ عَلَيۡكُمَا شُوَاظٞ مِّن نَّارٖ وَنُحَاسٞ فَلَا تَنتَصِرَانِ} (35)

{ يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس } الشواظ لهيب النار والنحاس الدخان وقيل : هو الصفر يذاب ويصب على رؤوسهم وقرئ شواظ بضم الشين وكسرها وهما لغتان وقرئ نحاس بالرفع عطف على شواظ وبالخفض عطف على نار .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{يُرۡسَلُ عَلَيۡكُمَا شُوَاظٞ مِّن نَّارٖ وَنُحَاسٞ فَلَا تَنتَصِرَانِ} (35)

ولما سلب عنهم القدرة على النفوذ المذكور تنبيهاً على سلب جميع القدرة عنهم وعلى أن ما يقدرون عليه إنما هو بتقديره لهم نعمة منه عليهم ، ولما كان منهم من بلغ الغاية في قسوة القلب وجمود الفكر فهو يحيل العجز عن بعض الأمور إلى أنه لم يجر بذلك عادة ، لا إلى أنه سبحانه المانع من ذلك ، فعمهم{[61938]} شيء من ذلك سطوته فقال { يرسل عليكما } أي أيها المعاندون ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : حين تخرجون من القبور{[61939]} بسوقكم إلى المحشر { شواظ } أي لهب عظيم منتشر مع التضايق محيط بكم من كل جانب له صوت شديد كهيئته ذي الخلق الضيق الشديد النفس .

ولما كان الشواظ يطلق على اللهب الذي لا دخان فيه وعلى دخان النار وحرها وعلى غير ذلك ، بينه بقوله : { من نار{[61940]} ونحاس } أي دخان هو في غاية الفظاعة فيه شرر متطاير وقطر مذاب ، قال ابن جرير{[61941]} : والعرب تسمي الدخان نحاساً بضم النون وكسرها ، وأجمع القراء على ضمها - انتهى . وجرها أبو عمرو وابن كثير عطفاً على { نار } ورفعه الباقون{[61942]} عطفاً على { شواظ } .

ولما كان ذلك ممكناً عقلاً وعادة ، وكانوا عارفين بأنهم لو وقعوا في مثل ذلك لم يتخلصوا منه بوجه ، سبب عنه قوله : { فلا تنصران * } قال ابن برجان : هذا مصداق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " يخرج عنق من نار فيقول بكل جبار عنيد فيلتقطهم من بين الجمع لقط الحمام حب السمسم ، ويغشي المجرمين دخان جهنم من بين المؤمنين ولا يضرهم ، وآية الشواظ وعنق النار هنالك صواعق ما هنا وبروقه والنار المعهودة " .


[61938]:- من ظ، وفي الأصل: فعمم.
[61939]:- زيد من ظ.
[61940]:- من ظ، وفي الأصل: ملك.
[61941]:- راجع جامع البيان 27/ تفسير هذه الآية.
[61942]:- راجع نثر المرجان 27/ 150.