فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يُرۡسَلُ عَلَيۡكُمَا شُوَاظٞ مِّن نَّارٖ وَنُحَاسٞ فَلَا تَنتَصِرَانِ} (35)

{ يرسل عليكما شواظ من نار } وقرأ الجمهور يرسل بضم التحتية مبنيا للمفعول ، وقرئ بالنون ، ونصب شواظ ، وقرأ الجمهور شواظ بضم الشين وقرئ بكسرها وهما لغتان بمعنى واحد والشواظ اللهب الذي لا دخان معه قال مجاهد : الشواظ اللهب الأخضر المنقطع من النار ، وقال الضحاك : هو الدخان الذي يخرج من اللهب ، ليس بدخان الحطب ، وقال الأخفش وأبو عمرو : هو النار ، والدخان جميعا وقال ابن عباس : هو لهب النار وقيل هو اللهب الخالص .

{ ونحاس } قرأ الجمهور بضم النون ، وقرئ بكسرها ، وقرئ نحس والنحاس الصفر المذاب ، يصب على رؤوسهم ، قاله مجاهد وقتادة وغيرهما وقال سعيد بن جبير : وهو الدخان الذي لا لهب له ، وبه قال الخليل .

وقال الضحاك : هو دردي الزيت المغلي ، وقال الكسائي : هو النار التي لها ريج شديدة ، وقال ابن عباس : هو دخان النار ، وعنه قال : الصفر يعذبون به ، قيل : يرسل عليهما هذا مرة وهذا مرة ، ويجوز أن يرسلا معا من غير أن يمتزج أحدهما بالآخر ، قرئ نحاس بالرفع عطفا على شواظ وبالجر عطفا على نار سبعيتان ، لكن قراءة الجر لا بد فيها من كسر شين شواظ . أو إمالة نار ، فمن قرأ بالجر بدون أحد الأمرين فقد وقع في التلفيق ، لأن هذا الوجه لم يقرأ به أحد ، قال المهدوي : من قال إن الشواظ النار والدخان جميعا فالجر في نحاس على هذا بين ، فأما الجر على قول من جعل الشواظ اللهب الذي لا دخان فيه فبعيد لا يسوغ إلا على تقدير حذف موصوف فكأنه قال : يرسل عليكما شواظ من نار وشيء من نحاس .

{ فلا تنتصران } أي لا تقدران على الامتناع من عذاب الله بل يسوقكم إلى المحشر