في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{تَرَى ٱلظَّـٰلِمِينَ مُشۡفِقِينَ مِمَّا كَسَبُواْ وَهُوَ وَاقِعُۢ بِهِمۡۗ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فِي رَوۡضَاتِ ٱلۡجَنَّاتِۖ لَهُم مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمۡۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡكَبِيرُ} (22)

ومن ثم يعرض هؤلاء الظالمين في مشهد من مشاهد القيامة . يعرضهم مشفقين خائفين من العذاب وكانوا من قبل لا يشفقون ، بل يستعجلون ويستهترون :

( ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا وهو واقع بهم ) . .

والتعبير العجيب يجعل إشفاقهم ( مما كسبوا )فكأنما هو غول مفزع ؛ وهو هو الذي كسبوه وعملوه بأيديهم وكانوا به فرحين ! ولكنهم اليوم يشفقون منه ويفزعون ( وهو واقع بهم ) . . وكأنه هو بذاته انقلب عذابا لا مخلص منه ، وهو واقع بهم !

وفي الصفحة الأخرى نجد المؤمنين الذين كانوا يشفقون من هذا اليوم ويخافون . نجدهم في أمن وعافية ورخاء :

والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات ، لهم ما يشاءون عند ربهم . ذلك هو الفضل الكبير . ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات . .

والتعبير كله رُخاء يرسم ظلال الرخاء : ( في روضات الجنات ) . . ( لهم ما يشاءون عند ربهم )بلا حدود ولا قيود . ( ذلك هو الفضل الكبير ) . .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{تَرَى ٱلظَّـٰلِمِينَ مُشۡفِقِينَ مِمَّا كَسَبُواْ وَهُوَ وَاقِعُۢ بِهِمۡۗ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فِي رَوۡضَاتِ ٱلۡجَنَّاتِۖ لَهُم مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمۡۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡكَبِيرُ} (22)

{ ترى الظالمين } المشركين يوم القيامة { مشفقين } خائفين { مما كسبوا } أي من جزائه { وهو واقع بهم } لا محالة

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{تَرَى ٱلظَّـٰلِمِينَ مُشۡفِقِينَ مِمَّا كَسَبُواْ وَهُوَ وَاقِعُۢ بِهِمۡۗ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فِي رَوۡضَاتِ ٱلۡجَنَّاتِۖ لَهُم مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمۡۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡكَبِيرُ} (22)

قوله تعالى : " ترى الظالمين مشفقين " أي خائفين " مما كسبوا " أي من جزاء ما كسبوا . والظالمون ها هنا الكافرون ، بدليل التقسيم بين المؤمن والكافر . " وهو واقع بهم " أي نازل بهم . " والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات " الروضة : الموضع النَّزِه الكثير الخضرة . وقد مضى في " الروم " {[13496]} . " لهم ما يشاؤون عند ربهم " أي من النعيم والثواب الجزيل . " ذلك هو الفضل الكبير " أي لا يوصف ولا تهتدي العقول إلى كنه صفته ؛ لأن الحق إذا قال كبير فمن ذا الذي يقدر قدره .


[13496]:راجع ج 14 ص 11.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{تَرَى ٱلظَّـٰلِمِينَ مُشۡفِقِينَ مِمَّا كَسَبُواْ وَهُوَ وَاقِعُۢ بِهِمۡۗ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فِي رَوۡضَاتِ ٱلۡجَنَّاتِۖ لَهُم مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمۡۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡكَبِيرُ} (22)

قوله : { تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا } { مُشْفِقِينَ } منصوب على الحال من الظالمين ؛ لأن { تَرَى } ، هنا من رؤية العين لا القلب{[4099]} . وذلك وصف لحال الخاسرين يوم القيامة ؛ إذ يغشى قلوبهم الخوف والذعر جزاء كفرهم وعصيانهم .

والمعنى : ترى الكافرين المكذبين يوم القيامة يا محمد خائفين وجلين من عذاب الله بسبب كفرهم وعصيانهم في الدنيا { وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ } وما يخشونه من العذاب نازل بهم ليصلوه لا محالة .

قوله : { وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ } المؤمنون المطيعون لله ، المذعنون لجلاله بالخضوع ، يقيمون في روضات الجنات فيهنئون فيها ويتنعَّمون . وروضات الجنات جمع روضة وهي الموضع الذي يكثر فيه النبات والخضرة { لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ } لهم في الجنة ما تشتهيه أنفسهم وتلذُّ به أعينهم من الطيبات والنعم .

قوله : { ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ } الإشارة عائدة إلى ما ذكر من التنعم والتلذذ والسرور في روضات الجنات . وذلك هو الفضل من الله وقد وصفه بأنه كبير ؛ لأنه في غاية الكمال من النعمة ؛ إذ لا يعْدِله فضل ولا تساويه نعمة من نعم الدنيا . {[4100]}


[4099]:البيان لابن الأنباري ج 2 ص 347.
[4100]:فتح القدير ج 4 ص 533 وتفسير الرازي ج 27 ص 146 والكشاف ج 3 ص 464.