في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَن لَّا يُجِبۡ دَاعِيَ ٱللَّهِ فَلَيۡسَ بِمُعۡجِزٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَيۡسَ لَهُۥ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءُۚ أُوْلَـٰٓئِكَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ} (32)

21

ويروي ابن إسحاق أن مقالة الجن انتهت عند هذه الآية . ولكن السياق يوحي بأن الآيتين التاليتين هما من مقولات النفر أيضا . ونحن نرجح هذا وبخاصة الآية التالية :

( ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض ، وليس له من دونه أولياء . أولئك في ضلال مبين ) . .

فهي تكملة طبيعية لنذارة النفر لقومهم فقد دعوهم إلى الاستجابة والإيمان . فالاحتمال قوي وراجح أن يبينوا لهم أن عدم الاستجابة وخيم العاقبة . وأن الذي لا يستجيب لا يعجز الله أن يأتي به ويوقع عليه الجزاء . ويذيقه العذاب الأليم ؛ فلا يجد له من دون الله أولياء ينصرونه أو يعينونه . وأن هؤلاء المعرضين ضالون ضلالا بينا عن الصراط المستقيم .

وكذلك الآية التي بعدها يحتمل كثيرا أن تكون من كلامهم ، تعجيبا من أولئك الذين لا يستجيبون لله ؛ حاسبين أنهم سيفلتون ، أو أنه ليس هناك حساب ولا جزاء :

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَمَن لَّا يُجِبۡ دَاعِيَ ٱللَّهِ فَلَيۡسَ بِمُعۡجِزٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَيۡسَ لَهُۥ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءُۚ أُوْلَـٰٓئِكَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ} (32)

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَمَن لَّا يُجِبۡ دَاعِيَ ٱللَّهِ فَلَيۡسَ بِمُعۡجِزٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَيۡسَ لَهُۥ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءُۚ أُوْلَـٰٓئِكَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ} (32)

قوله تعالى : " ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض " أي لا يفوت الله ولا يسبقه " وليس له من دونه أولياء أولئك في ضلال مبين " أي أنصار يمنعونه من عذاب الله . " أولئك في ضلال مبين " .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَمَن لَّا يُجِبۡ دَاعِيَ ٱللَّهِ فَلَيۡسَ بِمُعۡجِزٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَيۡسَ لَهُۥ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءُۚ أُوْلَـٰٓئِكَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ} (32)

ولما فرغوا من التعريف بالحق والدلالة عليه والدعاء إليه والإنذار بالرفق بما أفهم كلامهم من أنهم إن لم يجيبوا انتقم منهم بالعذاب الأليم-{[59137]} ، أتبعوه ما هو أغلظ إنذاراً منه فقالوا : { ومن لا يجب } أي لا يتجدد منه أن يجيب { داعي الله } أي الملك{[59138]} الأعظم المحيط بكل شيء{[59139]} الذي لا كفوء له{[59140]} ولا طاقة لأحد-{[59141]} بسخطه فعم{[59142]} بدعوة هذا الرسول صلى الله عليه وسلم جميع الخلق .

ولما دل الكتاب والسنة كما قدمته في سورتي{[59143]} الأنعام والفرقان على عموم الرسالة ، وكان التارك لإجابة من عمت رسالته عاصياً مستحقاً للعذاب ، عبر عن عذابه ، بما دل على تحتمه فقال تعالى : { فليس بمعجز } أي لما يقضي به عليه { في الأرض } فإنه {[59144]}آية سلك{[59145]} فيها فهو{[59146]} في ملكه وملكه وقدرته محيطة به { وليس له من دونه } أي الله الذي لا يجير {[59147]}إلا هو{[59148]} { أولياء }{[59149]} يفعلون لأجله ما{[59150]} يفعل القريب مع قريبه من الذب عنه والاستشفاع له{[59151]} والافتداء والمناصبة لأجله .

ولما انتفى عنه الخلاص من كل وجه ، وكان ذلك لا يختلف سواء كان العاصي واحداً أو أكثر{[59152]} ، أنتج قوله سبحانه وتعالى معبراً بالجمع لأنه أدل على القدرة ودلالة على أن العصاة كثيرة{[59153]} لملاءمة المعاصي لأكثر الطبائع : { أولئك } أي البعيدون من كل خير { في ضلال مبين * } أي ظاهر في نفسه أنه ضلال ، مظهر لكل أحد قبح إحاطتهم به{[59154]} ، قال القشيري : ويقال : الإجابة على ضربين : إجابة الله ، وإجابة الداعي ، فإجابة الداعي بشهود الواسطة وهو الرسول صلى الله عليه وسلم ، وإجابة الله بالجهر إذا {[59155]}بلغت المدعو{[59156]} رسالته صلى الله عليه وسلم على لسان السفير ، وبالسر إذا حصلت التعريفات من الواردات على القلب ، فمستجيب بنفسه ، ومستجيب بقلبه ، و مستجيب بروحه ، ومستجيب بسره ، ومن توقف عن دعاء الداعي إياه هجر فيما كان يخاطب به .


[59137]:زيد من م ومد.
[59138]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59139]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59140]:من ظ و م ومد، وفي الأصل:لأحد.
[59141]:زيد من ظ و م ومد.
[59142]:زيد في ظ و م: الذي أحاط بكل شيء.
[59143]:سقط من م ومد.
[59144]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: أنه ملك.
[59145]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: أنه ملك.
[59146]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: فإنه.
[59147]:زيد من م ومد.
[59148]:زيد من م ومد.
[59149]:زيد في الأصل:أي،ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59150]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: كما.
[59151]:من م، وفي الأصل و ظ: عنه.
[59152]:في م: كثيرا.
[59153]:في م ومد: كثير.
[59154]:من ظ ومد، وفي الأصل و م: بهم.
[59155]:في ظ و م ومد: بلغته.
[59156]:في ظ و م ومد: بلغته.