في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَٱلۡيَوۡمَ لَا يُؤۡخَذُ مِنكُمۡ فِدۡيَةٞ وَلَا مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ مَأۡوَىٰكُمُ ٱلنَّارُۖ هِيَ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (15)

" ثم يستطرد المؤمنين في التذكير والتقرير ، كأنما هم أصحاب الموقف المحكمون فيه : "

( فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا ، مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير ) . . أم لعلها كلمة الملأ الأعلى ، أو نطق الله الكريم . .

" وننظر من ناحية التناسق الفني في عرض المشهد ، فنجد لاختيار مشهد النور في هذا الموضع بالذات حكمة خاصة . . إن الحديث هنا عن المنافقين والمنافقات . . والمنافقون والمنافقات يخفون باطنهم ويتظاهرون بغير ما في الضمير المكنون ، ويعيشون في ظلام من النفاق والدس والوقيعة . والنور يكشف المخبوء ويفضح المستور . كما أن الصفحة المقابلة الوضيئة لصفحة النفاق المظلمة المطموسة . فهو أليق شيء بأن تطلق أشعته على المشهد الكبير . وبأن ينير بين أيدي المؤمنين والمؤمنات وبأيمانهم ، بينما المنافقون في الظلام الذي يناسب ظلمات الضمير وظلمات الخفاء المستور ! "

وبعد فأي قلب لا يهفو لذلك النور في ذلك اليوم ? وأي قلب لا يستجيب لهتاف الإنفاق والبذل تحت إيقاع تلك الموحيات العميقة التأثير ?

إنه القرآن يعالج القلوب في ثبات واطراد ، ويدعوها دعاء العليم الخبير بطبيعتها ومداخلها ومساربها ؛ وما تستجيب له وما يؤثر فيها .

والشوط الثاني في السورة استطراد في الدعاء ، ومزيد من موحيات الاستجابة ، على هذا المنهج ، وفي هذا الطريق . .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{فَٱلۡيَوۡمَ لَا يُؤۡخَذُ مِنكُمۡ فِدۡيَةٞ وَلَا مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ مَأۡوَىٰكُمُ ٱلنَّارُۖ هِيَ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (15)

{ فاليوم لا يؤخذ منكم فدية } بدل { ولا من الذين كفروا } وهم المشركون { مأواكم النار } منزلكم النار { هي مولاكم } أولى بكم { وبئس المصير } هي

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَٱلۡيَوۡمَ لَا يُؤۡخَذُ مِنكُمۡ فِدۡيَةٞ وَلَا مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ مَأۡوَىٰكُمُ ٱلنَّارُۖ هِيَ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (15)

قوله تعالى : " فاليوم لا يؤخذ منكم فدية " أيها المنافقون " ولا من الذين كفروا " أيأسهم من النجاة . وقراءة العامة " يؤخذ " بالياء ؛ لأن التأنيث غير . حقيقي ، ولأنه قد فصل بينها وبين الفعل . وقرأ ابن عامر ويعقوب " تؤخذ " بالتاء واختاره أبو حاتم لتأنيث الفدية . والأول اختيار أبي عبيد ، أي لا يقبل منكم بدل ولا عوض ولا نفس أخرى . " مأواكم النار " أي مقامكم ومنزلكم " هي مولاكم " أي أولى بكم ، والمولى من يتولى مصالح الإنسان ، ثم استعمل فيمن كان ملازما للشيء . وقيل : أي النار تملك أمرهم ، بمعنى أن الله تبارك وتعالى يركب فيها الحياة والعقل فهي تتميز غيظا على الكفار ، ولهذا خوطبت في قوله تعالى : " يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد{[14711]} " [ ق : 30 ] . " وبئس المصير " أي ساءت مرجعا ومصيرا .


[14711]:راجع ص 18 من هذا الجزء.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{فَٱلۡيَوۡمَ لَا يُؤۡخَذُ مِنكُمۡ فِدۡيَةٞ وَلَا مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ مَأۡوَىٰكُمُ ٱلنَّارُۖ هِيَ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (15)

{ هي مولاكم } أي : هي أولى بكم وحقيقة المولى الولي الناصر فكأن هذا استعارة منه أي : لأولى لم تأوون إليه إلا النار .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَٱلۡيَوۡمَ لَا يُؤۡخَذُ مِنكُمۡ فِدۡيَةٞ وَلَا مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ مَأۡوَىٰكُمُ ٱلنَّارُۖ هِيَ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (15)

ولما أقروا لهم بالكون الجامع ، وذكروا ما حصل به والفرق المانع فظهر أن لا كون ، سببوا عنه قولهم : { فاليوم } أي بسبب أفعالكم تلك { لا يؤخذ } بناء للمفعول لأن الضار عدم الأخذ {[62481]}لا كونه{[62482]} من آخذ معين وليفيد سد باب الأخذ مطلقاً { منكم فدية } أي نوع من أنواع الفداء وهو البدل والعوض للنفس على أي حال من قلة أو كثرة أو حسن أو غيره لأن الإله غني وقد فات محل العمل الذي شرعه لإنقاذ أنفسكم . ولما كانوا مكذبين أكد فقال : { ولا من الذين كفروا } أي أظهروا كفرهم ولم يستروه كما سترتموه أنتم لمساواتكم لهم في الكفر . ولما كان كأنه قيل : فأين نكون ؟ قال : { مأواكم } أي منزلكم ومسكنكم ومجمعكم { النار } لا مقر لكم غيرها ، تحرقكم كما كنتم تحرقون قلوب الأولياء بإقبالكم على الشهوات ، وإضاعتكم حقوق ذوي الحاجات ، وأكد ذلك بقوله : { هي } أي لا غيرها { مولاكم } أي قرينتكم وموضع قربكم ومصيركم وناصركم على نحو " تحية بينهم{[62483]} ضرب وجيع " فهي أولى لكم ، لا قرب لكم إلى غيرها ، ولا غيرها مولى ولا مصير إلى{[62484]} سواها ولا ناصر إلا هي . ولما كان التقدير : فبئس المولى هي ، عطف عليه قوله : { وبئس المصير * } أي هذه النار التي صرتم إليها .


[62481]:- من ظ، وفي الأصل: لكونه.
[62482]:- من ظ، وفي الأصل: لكونه.
[62483]:- من ظ، وفي الأصل: بينكم.
[62484]:- زيد من ظ.