تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمۖ بَلۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ ٱلۡجِنَّۖ أَكۡثَرُهُم بِهِم مُّؤۡمِنُونَ} (41)

و { قَالُوا سُبْحَانَكَ } أي : تنزيها لك وتقديسا ، أن يكون لك شريك ، أو ند { أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ } فنحن مفتقرون إلى ولايتك ، مضطرون إليها ، فكيف ندعو غيرنا إلى عبادتنا ؟ أم كيف نصلح لأن نتخذ من دونك أولياء وشركاء ؟ "

ولكن هؤلاء المشركون { كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ } أي : الشياطين ، يأمرون{[739]}  بعبادتنا أو عبادة غيرنا ، فيطيعونهم بذلك . وطاعتهم هي عبادتهم ، لأن العبادة الطاعة ، كما قال تعالى مخاطبا لكل من اتخذ معه آلهة { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ }

{ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ } أي : مصدقون للجن ، منقادون لهم ، لأن الإيمان هو : التصديق الموجب للانقياد .


[739]:- في ب: يأمرونهم.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمۖ بَلۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ ٱلۡجِنَّۖ أَكۡثَرُهُم بِهِم مُّؤۡمِنُونَ} (41)

قوله تعالى : { قالوا سبحانك } تنزيهاً لك ، { أنت ولينا من دونهم } أي : نحن نتولاك ولا نتولاهم ، { بل كانوا يعبدون الجن } يعني : الشياطين ، فإن قيل لهم كانوا يعبدون الملائكة فكيف وجه قوله : { يعبدون الجن } قيل : أراد الشياطين زينوا لهم عبادة الملائكة ، فهم كانوا يطيعون الشياطين في عبادة الملائكة ، فقوله { يعبدون } أي : يطيعون الجن ، { أكثرهم بهم مؤمنون } يعني : مصدقون للشياطين .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمۖ بَلۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ ٱلۡجِنَّۖ أَكۡثَرُهُم بِهِم مُّؤۡمِنُونَ} (41)

{ قالوا } أي الملائكة متبرئين منهم مفتتحين بالتنزيه تخضعاً بين يدي البراءة خوفاً {[57017]}من حلول السطوة{[57018]} { سبحانك } أي ننزهك تنزيهاً يليق بجلالك عن أن يستحق أحد{[57019]} غيرك أن يعبد .

ولما كانوا كارهين جداً لعبادتهم ، وكانت فائدة العبادة الوصلة{[57020]} بين العابد والمعبود قالوا : { أنت ولينا } أي معبودنا الذي لا وصلة بيننا وبين أحد إلا بأمره { من دونهم } أي من أقرب منزلة لك من منازلهم منا ، فأنت أقرب شيء إلينا في كل معاني الولاية من العلم والقدرة وغيرهما ، فكيف نترك الأقرب والأقوى ونتولى الأبعد العاجز{[57021]} ، ليس بيننا وبينهم من{[57022]} ولاية ، بل عداوة ، وكذا كل من تقرب إلى شخص بمعصية الله يقسي الله قلبه عليه ويبغضه فيه فيجافيه{[57023]} ويعاديه .

ولما كان{[57024]} من يعمل لأحد عملاً لم يأمر به ولم يرضه إنما عمل{[57025]} في الحقيقة للذي دعاه إلى ذلك العمل قالوا : { بل كانوا } بأفعالهم الاختيارية الموجبة للشرك { يعبدون الجن } أي إبليس وذريته الذين زينوا لهم عبادتنا من غير رضانا بذلك{[57026]} ، وكانوا يدخلون في أجواف الأصنام ويخاطبونهم ويستجيرون بهم في الأماكن المخوفة ، ومن هذا {[57027]}تعس عبد الدينار وعبد الدرهم{[57028]} وعبد القطيفة ؛ ثم استأنفوا قولهم : { أكثرهم } أي الإنس { بهم } أي الجن { مؤمنون * } أي راسخون في الإشراك لا{[57029]} يقصدون بعبادتهم غيرهم ، وقليل منهم من يقصد بعبادته{[57030]} بتزيين الجن وغيرهم{[57031]} وهو غير راض بها ، فهي في الحقيقة لمن زينها لهم من الجن ، وهم مع ذلك يصدقون ما يرد عليهم من إخبارات الجن على ألسنة الكهان وغيرهم مع ما يرون فيها من الكذب في كثير من الأوقات .


[57017]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[57018]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[57019]:زيدمن ظ وم ومد.
[57020]:من م ومد، وفي الأصل وظ: الموصلة.
[57021]:زيد من ظ وم.
[57022]:سقط من ظ وم ومد.
[57023]:في مد: فيجانبه.
[57024]:زيد في الأصل: كل، ولم تكن الزيادة في ظ وم ومد فحذفناها.
[57025]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: هو.
[57026]:زيد من ظ وم ومد.
[57027]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: نفس عبد الدرهم وعبد الدينار.
[57028]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: نفس عبد الدرهم وعبد الدينار.
[57029]:زيد من ظ وم ومد.
[57030]:في ظ: بعبادتهم.
[57031]:زيد من م ومد.