تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَذۡهَبَ عَنَّا ٱلۡحَزَنَۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٞ شَكُورٌ} (34)

{ و } لما تم نعيمهم ، وكملت لذتهم { قَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ } وهذا يشمل كل حزن ، فلا حزن يعرض لهم بسبب نقص في جمالهم ، ولا في طعامهم وشرابهم ، ولا في لذاتهم ولا في أجسادهم ، ولا في دوام لبثهم ، فهم في نعيم ما يرون عليه مزيدا ، وهو في تزايد أبد الآباد .

{ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ } حيث غفر لنا الزلات { شَكُورٌ } حيث قبل منا الحسنات وضاعفها ، وأعطانا من فضله ما لم تبلغه أعمالنا ولا أمانينا ، فبمغفرته نجوا من كل مكروه ومرهوب ، وبشكره وفضله حصل لهم كل مرغوب محبوب .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَذۡهَبَ عَنَّا ٱلۡحَزَنَۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٞ شَكُورٌ} (34)

{ وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن } همهم من خوف العاقبة أو همهم من اجل المعاش وآفاته أو من وسوسة إبليس وغيرها ، وقرئ { الحزن } . { وإن ربنا لغفور } للمذنبين . { شكور } للمطيعين .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَقَالُواْ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَذۡهَبَ عَنَّا ٱلۡحَزَنَۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٞ شَكُورٌ} (34)

و { الحزن } في هذه الآية عام في جميع أنواع الأحزان ، وخصص المفسرون في هذا الموضع فقال أبو الدرداء : حزن أهوال القيامة وما يصيب هناك من ظلم نفسه من الغم والحزن ، وقال ابن عباس : حزن جهنم ، وقال عطية : حزن الموت ، وقال شهر : حزن معيشة الدنيا الخبز ونحوه ، وقال قتادة : حزن الدنيا في الخوف أن تتقبل أعمالهم ، وقيل غير هذا مما هو جزء من الحزن .

قال القاضي أبو محمد : ولا معنى لتخصيص شيء من هذه الأحزان ، لأن الحزن أجمع قد ذهب عنهم ، وقولهم { لغفور شكور } وصفوه تعالى بأنه يغفر الذنوب ويجازي على القليل من الأعمال الصالحة بالكثير من الثواب ، وهذا هو شكره لا رب سواه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَقَالُواْ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَذۡهَبَ عَنَّا ٱلۡحَزَنَۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٞ شَكُورٌ} (34)

الأظهر أن جملة { وقالوا } في موضع الحال من ضمير { يحلون } [ فاطر : 33 ] لئلا يلزم تأويل الماضي بتحقيق الوقوع مع أنه لم يقصد في قوله : { يدخلونها } [ فاطر : 33 ] . وتلك المقالة مقارنة للتحلية واللباس ، وهو كلام يجري بينهم ساعتئذ لإِنشاء الثناء على الله على ما خوّلهم من دخول الجنة ، ولما فيه من الكرامة .

وإذهاب الحزن مجاز في الإِنجاء منه فتصدق بإزالته بعد حصوله ويصدق بعدم حصوله .

و { الحزن } الأسف . والمراد : أنهم لمّا أعطوا ما أعطوه زال عنهم ما كانوا فيه قبلُ من هول الموقف ومن خشية العقاب بالنسبة للسابقين والمقتصدين ومما كانوا فيه من عقاب بالنسبة لظالمي أنفسهم .

وجملة { إن ربنا لغفور شكور } استئنافُ ثناء على الله شكروا به نعمة السلامة أثنوا عليه بالمغفرة لما تجاوز عما اقترفوه من اللمم وحديثثِ الأنفس ونحو ذلك مما تجاوز الله عنه بالنسبة للمقتصدين والسابقين ، ولما تجاوز عنه من تطويل العذاب وقبول الشفاعة بالنسبة لمختلف أحوال الظالمين أنفسهم وأثنوا على الله بأنه شكور لما رأوا من إفاضته الخيرات عليهم ومُضاعفة الحسنات مما هو أكثر من صالحات أعمالهم . وهذا على نحو ما تقدم في قوله : { ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور } [ فاطر : 30 ] .