تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَدۡ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ فَلِلَّهِ ٱلۡمَكۡرُ جَمِيعٗاۖ يَعۡلَمُ مَا تَكۡسِبُ كُلُّ نَفۡسٖۗ وَسَيَعۡلَمُ ٱلۡكُفَّـٰرُ لِمَنۡ عُقۡبَى ٱلدَّارِ} (42)

{ 42 - 43 } { وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ * وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ }

يقول تعالى : { وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } برسلهم وبالحق الذي جاءت به الرسل ، فلم يغن عنهم مكرهم ولم يصنعوا شيئا فإنهم يحاربون الله ويبارزونه ، { فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا } أي : لا يقدر أحد أن يمكر مكرا إلا بإذنه ، وتحت قضائه وقدره ، فإذا كانوا يمكرون بدينه فإن مكرهم سيعود عليهم بالخيبة والندم ، فإن الله { يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ } أي : هومها وإراداتها وأعمالها الظاهرة والباطنة .

والمكر لا بد أن يكون من كسبها فلا يخفى على الله مكرهم ، فيمتنع أن يمكروا مكرا يضر الحق وأهله ويفيدهم شيئا ، { وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ } أي : ألهم أو لرسله ؟ ومن المعلوم أن العاقبة للمتقين لا للكفر وأعماله .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَقَدۡ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ فَلِلَّهِ ٱلۡمَكۡرُ جَمِيعٗاۖ يَعۡلَمُ مَا تَكۡسِبُ كُلُّ نَفۡسٖۗ وَسَيَعۡلَمُ ٱلۡكُفَّـٰرُ لِمَنۡ عُقۡبَى ٱلدَّارِ} (42)

{ وقد مكر الذين من قبلهم } بأنبيائهم والمؤمنين به منهم . { فللّه المكر جميعا } إذ لا يؤبه بمكر دون مكره فإنه القادر على ما هو المقصود منه دون غيره . { يعلم ما تكسب كل نفس } فيعد جزاءها . { وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار } من الحزبيين حيثما يأتيهم العذاب المعد لهم وهم في غفلة منه ، وهذا كالتفسير لمكر الله تعالى بهم ، واللام تدل على أن المراد بالعقبى العاقبة المحمودة مع ما في الإضافة إلى الدار كما عرفت . وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو والكافر على إرادة الجنس ، وقرئ " الكافرون " و " الذين كفروا " و " الكفر " أي أهله وسيعلم من أعلمه إذا أخبره .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَقَدۡ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ فَلِلَّهِ ٱلۡمَكۡرُ جَمِيعٗاۖ يَعۡلَمُ مَا تَكۡسِبُ كُلُّ نَفۡسٖۗ وَسَيَعۡلَمُ ٱلۡكُفَّـٰرُ لِمَنۡ عُقۡبَى ٱلدَّارِ} (42)

و { المكر } : ما يتمرس بالإنسان ويسعى عليه - علم بذلك أو لم يعلم - فوصف الله تعالى الأمم التي سعت على أنبيائها - كما فعلت قريش بمحمد صلى الله عليه وسلم - ب { المكر } .

وقوله : { فلله المكر جميعاً } أي العقوبات التي أحلها بهم ، وسماها «مكراً » على عرف تسمية المعاقبة باسم الذنب ، كقوله تعالى : { الله يستهزىء بهم }{[6988]} [ البقرة : 15 ] ونحو هذا .

وفي قوله تعالى : { يعلم ما تكسب كل نفس } تنبيه وتحذير في طي إخبار ثم توعدهم تعالى بقوله : { وسيعلم الكافر لمن عقبى الدار } .

وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو «الكافر » بالإفراد ، وهو اسم الجنس ، وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي «الكفار » ، وقرأ عبد الله بن مسعود «الكافرون » ، وقرأ أبي بن كعب : «الذين كفروا » . وتقدم القول في { عقبى الدار } قبل هذا .


[6988]:من الآية (15) من سورة (البقرة).