الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَقَدۡ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ فَلِلَّهِ ٱلۡمَكۡرُ جَمِيعٗاۖ يَعۡلَمُ مَا تَكۡسِبُ كُلُّ نَفۡسٖۗ وَسَيَعۡلَمُ ٱلۡكُفَّـٰرُ لِمَنۡ عُقۡبَى ٱلدَّارِ} (42)

ثم قال تعالى : { وقد مكر الذين من قبلهم فلله المكر جميعا }[ 42 ] والمعنى : وقد مكر الذين من قبل هؤلاء المشركين من الأمم ، فوقع بهم العذاب ، فلله{[36636]} أسباب المكر كلها ، وبيده الضر والنفع . فلن يضر الماكرون بمكرهم أحدا إلا بإذن الله ، لأن أسباب المكر كلها بأمر الله ، وإنما يضرون بمكرهم أنفسهم ، لأنهم أسخطوا ربهم عليهم حتى أهلكهم{[36637]} . فكذلك{[36638]} هؤلاء يمكرون بك يا محمد{[36639]} ، والله منجيك{[36640]} من مكرهم ، وملحق{[36641]} ضرر مكرهم بهم دونهم{[36642]} .

ومعنى المكر من الله ( أن ينزل العقوبة بمن يستحقها من حيث لا يعلمون ){[36643]} .

ثم قال ( تعالى ){[36644]} : { يعلم ما تكسب كل نفس }[ 42 ] أي : يعلم ما يفعل هؤلاء المشركون ، وما يسعون{[36645]} فيه من المكر بك ، ويعلم جميع الخلائق{[36646]} كلهم{[36647]} .

{ وسيعلم الكافر لمن عقبى الدار }[ 42 ] أي : سيعلمون ، إذ قدموا على ربهم يوم القيامة لمن عاقبة ( عقبى ){[36648]} الدار في الآخرة{[36649]} .

وقيل : الكافر هنا يراد به أبو جهل{[36650]} لعنة الله{[36651]} .

( ومن قرأ ){[36652]} : ( الكفار ) بالجمع{[36653]} . قيل : عني به المستهزءون وهم خمسة ، والمقتسمون وهم ثمانية وعشرون .


[36636]:ق: الله.
[36637]:ق: هلكهم.
[36638]:ط: وكذلك.
[36639]:ياحمد.
[36640]:ط: ينجيك.
[36641]:ط: ويلحق.
[36642]:وهو تفسير الطبري في: جامع البيان 16/499.
[36643]:ط: يعلم، وانظر: هذا التوجيه في: إعراب النحاس 2/360.
[36644]:ساقط من ط.
[36645]:ط: يسمعون.
[36646]:ط: الخلق.
[36647]:وهو تفسير الطبري في: جامع البيان 16/499.
[36648]:ساقط من ط.
[36649]:وهو تفسير الطبري في: جامع البيان 16/499.
[36650]:ط: حضل.
[36651]:انظر: الجامع 9/219.
[36652]:ساقط من ط.
[36653]:وهي قراءة عاصم بن عامر، وحمزة والكسائي، وقرأ الباقون: المدنيان وابن كثير، وأبو عمرو بالتوحيد، جعلوا الكافر اسما للجنس شائعا: انظر: معاني الفراء 2/67، وجامع البيان 16/499-500، والسبعة 359، والمبسوط 255، والحجة 375، والكشف 2/23-24، والتيسير 134، والمحرر 10/45، والجامع 9/219، والنشر 2/398.