غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَقَدۡ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ فَلِلَّهِ ٱلۡمَكۡرُ جَمِيعٗاۖ يَعۡلَمُ مَا تَكۡسِبُ كُلُّ نَفۡسٖۗ وَسَيَعۡلَمُ ٱلۡكُفَّـٰرُ لِمَنۡ عُقۡبَى ٱلدَّارِ} (42)

30

ثم سلى نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله : { وقد مكر الذين من قبلهم } برسلهم كنمرود بإبراهيم وفرعون بموسى واليهود بعيسى . { فللَّه المكر جميعاً } قال الواحدي : لأن مكر جميع الماكرين بتخليقه وإرادته ولأنه لا يضر إلا بإذنه ولا يؤثر إلا بتقديره . وقالت المعتزلة : إنه جعل مكرهم كلا مكر بالإضافة إلى مكره . وقيل : أراد فللَّهَ جزاء مكر الماكرين . قال الواحدي : والقول الأوّل أظهر بدليل قوله : { يعلم ما تكسب كل نفس } يريد أن أكسابها بأسرها معلومة لله تعالى وخلاف معلومه ممتنع الوقوع فلا يقدر العبد على خلاف معلومه .

وناقضت المعتزلة بأنه أثبت لكل نفس كسباً فدل على أنه مقدور العبد . وأجيب بأن المقتضي للفعل عندنا هو مجموع القدرة والداعي وهذا معنى قولهم الكسب حاصل للعبد . ثم ختم الآية بوعيد آخر إجمالي فقال : { وسيعلم الكفار } من قرأ على الجمع فظاهر ، ومن قرأ على الواحدة فالمراد الجنس . وعن ابن عباس أن المراد أبو جهل ، وعن عطاء أراد المستهزئين وهم خمسة ، والمقتسمين وهم ثمانية وعشرون .

/خ43