تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِذۡ يُرِيكَهُمُ ٱللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلٗاۖ وَلَوۡ أَرَىٰكَهُمۡ كَثِيرٗا لَّفَشِلۡتُمۡ وَلَتَنَٰزَعۡتُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ سَلَّمَۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (43)

{ 43 - 44 ْ } { إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ْ }

وكان اللّه قد أرى رسوله المشركين في الرؤيا عددا قليلا ، فبشر بذلك أصحابه ، فاطمأنت قلوبهم وتثبتت أفئدتهم .

ولو أراكهم الله إياهم كَثِيرًا فأخبرت بذلك أصحابك { لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ ْ } فمنكم من يرى الإقدام على قتالهم ، ومنكم من لا يرى ذلك فوقع من الاختلاف والتنازع ما يوجب الفشل .

{ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ ْ } فلطف{[348]}  بكم { إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ْ } أي : بما فيها من ثبات وجزع ، وصدق وكذب ، فعلم اللّه من قلوبكم ما صار سببا للطفه وإحسانه بكم وصدق رؤيا رسوله ،


[348]:- في ب: أي: لطف.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِذۡ يُرِيكَهُمُ ٱللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلٗاۖ وَلَوۡ أَرَىٰكَهُمۡ كَثِيرٗا لَّفَشِلۡتُمۡ وَلَتَنَٰزَعۡتُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ سَلَّمَۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (43)

{ إذ يُريكَهم الله في منامك قليلا } مقدر باذكر أو بدل ثان من يوم الفرقان ، أو متعلق بعليم أي يعلم المصالح إذ يقللهم في عينك في رؤياك وهو أن تخبر به أصحابك فيكون تثبيتا لهم وتشجيعا على عدوهم . { ولو أراكهم كثيرا لفشلتم } لجبنتم . { ولتنازعتم في الأمر } في أمر القتال وتفرقت آراؤكم بين الثبات والفرار . { ولكن الله سلّم } أنعم بالسلامة من الفشل والتنازع . { إنه عليم بذات الصدور } يعلم ما سيكون فيها وما يغير أحوالها .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِذۡ يُرِيكَهُمُ ٱللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلٗاۖ وَلَوۡ أَرَىٰكَهُمۡ كَثِيرٗا لَّفَشِلۡتُمۡ وَلَتَنَٰزَعۡتُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ سَلَّمَۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (43)

المهدوي { إذ } نصب بتقدير : واذكر .

قال القاضي أبو محمد : أو بدل من { إذ } المتقدمة وهو أحسن ، وتظاهرت الروايات أن هذه الآية نزلت في رؤيا رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رأى فيها عدد الكفار قليلاً فأخبر بذلك أصحابه فقويت نفوسهم وحرضوا على اللقاء{[5383]} ، فهذا معنى قوله { في منامك } أي في نومك قاله مجاهد وغيره .

وروي عن الحسن أن معنى قوله { في منامك } أي في عينك إذ هي موضع النوم ، وعلى هذا التأويل تكون الرواية في اليقظة .

قال القاضي أبو محمد : وهذا القول ضعيف ، وعليه فسر النقاش وذكره عن المازني ، والضمير على التأويلين من قوله { يريكهم } عائد على الكفار من أهل مكة ، ومما يضعف ما روي عن الحسن أن معنى هذه الآية يتكرر في التي بعدها ن لأن النبي صلى الله عليه وسلم مخاطب في الثانية أيضاً ، وقد تظاهرت الرواية أن النبي صلى الله عليه وسلم ، انتبه وقال لأصحابه «أبشروا فلقد نظرت إلى مصارع القوم » ونحو هذا ، وقد كان علم أنهم ما بين التسعمائة إلى الألف ، فكيف يراهم ببصره بخلاف ما علم ، والظاهر أنه رآهم في نومه قليلاً قدرهم وحالهم وبأسهم مهزومين مصروعين ، ويحتمل أنه رآهم قليلاً عددهم ، فكان تأويل رؤياه انهزامهم ، فالقلة والكثرة على الظاهر مستعارة في غير العدد ، كما قالوا : المرء كثير بأخيه ، إلى غير ذلك من الأمثلة ، والفشل الخور عن ألأمر ، إما بعد التلبس وإما بعد العزم على التلبس و { لتنازعتم } أي لتخالفتم و { في الأمر } يريد في اللقاء والحرب و { سلم } لفظ يعم كل متخوف اتصل بالأمر أو عرض في وجهه فسلم الله من ذلك كله ، وعبر بعض الناس أن قال «سلم لكم أمركم » ونحو هذا مما يندرج فيما ذكرناه وقوله { إنه عليم بذات الصدور } أي بإيمانكم وكفركم مجاز بحسب ذلك ، وقرأ الجمهور من الناس «ولكنَّ الله سلم » بشد النون ونصب المكتوبة{[5384]} وقرأت فرقة «ولكن اللهُ » برفع المكتوبة .


[5383]:-أكمل أبو حيان في "البحر" الخبر: (وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه حين انتبه: أبشروا، لقد نظرت إلى مصارع القوم)- هذا والمراد بالقلة هنا قلة القدر والنجدة وأنهم مهزومون، ولا يُحمل على قلة العدد لأن رؤياه صلى الله عليه وسلم حق، وقد كان علم أنهم ما بين تسعمائة وألف، فلا يمكن حمل ذلك على قلة العدد.
[5384]:- المكتوبة: لفظ الجلالة (الله).