تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ أَرَءَيۡتَ إِذۡ أَوَيۡنَآ إِلَى ٱلصَّخۡرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ ٱلۡحُوتَ وَمَآ أَنسَىٰنِيهُ إِلَّا ٱلشَّيۡطَٰنُ أَنۡ أَذۡكُرَهُۥۚ وَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُۥ فِي ٱلۡبَحۡرِ عَجَبٗا} (63)

فلما قال موسى لفتاه هذه المقالة ، قال له فتاه : { أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ ْ } أي : ألم تعلم حين آوانا الليل إلى تلك الصخرة المعروفة بينهما { فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان ْ } لأنه السبب في ذلك { وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ْ } أي : لما انسرب في البحر ودخل فيه ، كان ذلك من العجائب .

قال المفسرون : كان ذلك المسلك للحوت سربا ، ولموسى وفتاه عجبا ، فلما قال له الفتى هذا القول ، وكان عند موسى وعد من الله أنه إذا فقد الحوت ، وجد الخضر ، فقال موسى : { ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ ْ }

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ أَرَءَيۡتَ إِذۡ أَوَيۡنَآ إِلَى ٱلصَّخۡرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ ٱلۡحُوتَ وَمَآ أَنسَىٰنِيهُ إِلَّا ٱلشَّيۡطَٰنُ أَنۡ أَذۡكُرَهُۥۚ وَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُۥ فِي ٱلۡبَحۡرِ عَجَبٗا} (63)

{ قال أرأيت إذ أوينا } أرأيت ما دهاني إذ أوينا . { إلى الصخرة } يعني الصخرة التي رقد عندها موسى . وقيل هي الصخرة التي دون نهر الزيت . { فإني نسيت الحوت } فقدته أو نسيت ذكره بما رأيت منه . { وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره } أي وما أنساني ذكره إلا الشيطان فإن { أن أذكره } بدل من الضمير ، وقرئ " أن أذكركه " . وهو اعتذار عن نسيانه بشغل الشيطان له بوساوسه ، والحال وإن كانت عجيبة لا ينسى مثلها لكنه لما ضرى بمشاهدة أمثالها عند موسى وألفها قل اهتمامه بها ، ولعله نسي ذلك لاستغراقه في الاستبصار وإنجاب شراشره إلى جناب القدس بما عراه من مشاهدة الآيات الباهرة ، وإنما نسبه إلى الشيطان هضما لنفسه أو لأن عدم احتمال القوة للجانبين واشتغالها بإحداهما عن الآخر يعد من نقصان . { واتخذ سبيله في البحر عجبا } سبيلا عجبا وهو كونه كالسرب أو اتخاذا عجبا ، والمفعول الثاني هو الظرف وقيل هو مصدر فعله المضمر أي قال في آخر كلامه ، أو موسى في جوابه عجبا تعجبا من تلك الحال . وقيل الفعل لموسى أي اتخذ موسى سبيل الحوت في البحر عجبا .