الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{قَالَ أَرَءَيۡتَ إِذۡ أَوَيۡنَآ إِلَى ٱلصَّخۡرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ ٱلۡحُوتَ وَمَآ أَنسَىٰنِيهُ إِلَّا ٱلشَّيۡطَٰنُ أَنۡ أَذۡكُرَهُۥۚ وَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُۥ فِي ٱلۡبَحۡرِ عَجَبٗا} (63)

فقال له فتاه وتذكر : { قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَآ } : رجعنا { إِلَى الصَّخْرَةِ } ، قال مقاتل : هي الصخرة التي دون نهر الزيت { فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ } ؟ أي تركته وفقدته .

وقيل : فيه إضمار معناه : نسيت أن أذكر أمر الحوت ، ثمّ قال : { وَمَآ أَنْسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ } ، يعني : أنسانيه ألاّ أذكره . وقيل : فيه تقديم وتأخير مجازه : وما أنسانيه أن أذكره إلاّ الشيطان ، { وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً } ، يجوز أن يكون هذا من قول يوشع ، يقول : اتخذ الحوت سبيله في البحر عجباً . وقيل : إن يوشع يقول : إن الحوت طفر إلى البحر فاتّخذ فيه مسلكاً ، فعجبت من ذلك عجباً . ويجوز أن يكون هذا من قول موسى ، قال له يوشع : { وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ } ، فأجابه موسى : { عَجَباً } كأنه قال : أعجب عجباً .

وقال ابن زيد : أي شيء أعجب من حوت ، كان دهراً من الدهور يؤكل منه ثمّ صار حيّاً حتى حشر في البحر . قال : وكان شق حوت . وقال ابن عباس : اتخذ موسى سبيل الحوت في البحر عجباً . قال وهب : ظهر في الماء من أثر جري الحوت شق وأُخدود شبه نهر من حيث دخلت إلى حيث انتهت . فرجع موسى حتى انتهى إلى مجمع البحرين ، فإذا هو بالخضر ( عليه السلام ) ، فذلك قوله : { قَالَ } موسى لفتاه : { ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ }