غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قَالَ أَرَءَيۡتَ إِذۡ أَوَيۡنَآ إِلَى ٱلصَّخۡرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ ٱلۡحُوتَ وَمَآ أَنسَىٰنِيهُ إِلَّا ٱلشَّيۡطَٰنُ أَنۡ أَذۡكُرَهُۥۚ وَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُۥ فِي ٱلۡبَحۡرِ عَجَبٗا} (63)

60

قال الفتى متعجباً { أرأيت } ومفعوله محذوف لدلالة قوله : { فإني نسيت الحوت } عليه كأنه قال : أرأيت ما دهاني ووقع لي . { إذ أوينا إلى الصخرة } قيل : هي الصخرة التي دون نهر الزيت { فإني نسيت الحوت } عليها ثم ذكر ما يجري مجرى السبب في وقوع ذلك النسيان فقال : { وما أنسانيه إلا الشيطان } و{ أن أذكره } بدل الاشتمال من الهاء { في أنسانيه } أي وما أنساني ذكره قال الكعبي : لو كان النسيان بخلق الله وإرادته لكان إسناد ذلك إلى الله تعالى أولى من إسناده إلى الشيطان إذ ليس له في وجوده سعي ولا أثر . قال القاضي : المراد بإنساء الشيطان أن يشتغل قلب الإنسان بوساوسه التي هي من فعله دون النسيان الذي يضاد الذكر ، لأن ذلك لا يصلح أن يكون إلا من قبل الله تعالى . قال أهل البرهان : لما كان اتخاذ الحوت سبيله في البحر عقيب النسيان ذكر أوّلاً فاتخذ بالفاء ، ولما حيل بينهما ثانياً بجملة معترضة هي قوله : { وما أنسانيه } زال معنى التعقيب وبقي العطف المجرد فقال : { واتخذ سبيله } بالواو . وانتصاب { عجباً } كما مر في { سرباً } . قال صلى الله عليه وسلم : " كان للحوت سرباً ولموسى وفتاه عجباً "

/خ82