تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا لِّتَسۡكُنُوٓاْ إِلَيۡهَا وَجَعَلَ بَيۡنَكُم مَّوَدَّةٗ وَرَحۡمَةًۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} (21)

{ وَمِنْ آيَاتِهِ } الدالة على رحمته وعنايته بعباده وحكمته العظيمة وعلمه المحيط ، { أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا } تناسبكم وتناسبونهن وتشاكلكم وتشاكلونهن { لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً } بما رتب على الزواج من الأسباب الجالبة للمودة والرحمة .

فحصل بالزوجة الاستمتاع واللذة والمنفعة بوجود الأولاد وتربيتهم ، والسكون إليها ، فلا تجد بين أحد في الغالب مثل ما بين الزوجين من المودة والرحمة ، { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } يُعملون أفكارهم ويتدبرون آيات اللّه وينتقلون من شيء إلى شيء .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا لِّتَسۡكُنُوٓاْ إِلَيۡهَا وَجَعَلَ بَيۡنَكُم مَّوَدَّةٗ وَرَحۡمَةًۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} (21)

وقوله : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا } أي : خلق لكم من جنسكم إناثا يَكُنَّ لكم أزواجا ، { لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا } ، كما قال تعالى : { هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا } [ الأعراف : 189 ] يعني بذلك : حواء ، خلقها الله من آدم من ضِلَعه الأقصر الأيسر . ولو أنه جعل بني آدم كلهم ذكورا وجعل إناثهم من جنس آخر [ من غيرهم ]{[22797]} إما من جان أو حيوان ، لما حصل هذا الائتلاف بينهم وبين الأزواج ، بل كانت تحصل نَفْرَة لو كانت الأزواج من غير الجنس . ثم من تمام رحمته ببني آدم أن جعل أزواجهم من جنسهم ، وجعل بينهم وبينهن مودة : وهي المحبة ، ورحمة : وهي الرأفة ، فإن الرجل{[22798]} يمسك المرأة إما لمحبته لها ، أو لرحمة بها ، بأن يكون لها منه ولد ، أو محتاجة إليه في الإنفاق ، أو للألفة بينهما ، وغير ذلك ، { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } .


[22797]:- زيادة من ت، ف.
[22798]:- في ت، ف: "فالرجل"
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا لِّتَسۡكُنُوٓاْ إِلَيۡهَا وَجَعَلَ بَيۡنَكُم مَّوَدَّةٗ وَرَحۡمَةًۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} (21)

وقوله { من أنفسكم } يحتمل أن يريد خلقه حواء من ضلع آدم فحمل ذلك على جميع النساء من حيث أمهم مخلوقة من نفس آدم ، أي من ذات شخصه ، ويحتمل أن يريد من نوعكم ومن جنسكم ، و «المودة والرحمة » على بابها المشهور من التواد والتراحم ، هذا هو البليغ ، وقال مجاهد والحسن وعكرمة : عنى ب «المودة » الجماع وب «الرحمة » الولد .