وقوله : { فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ } أي : فستعلم يا محمد ، وسيعلم مخالفوك ومكذبوك : من المفتون الضال منك ومنهم . وهذا كقوله تعالى : { سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الأشِرُ } [ القمر : 26 ] ، وكقوله : { وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ } [ سبأ : 24 ] .
قال ابن جريج : قال ابن عباس في هذه الآية : ستعلم ويعلمون يوم القيامة .
وقال العوفي ، عن ابن عباس : { بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ } أي : الجنون . وكذا قال مجاهد ، وغيره . وقال قتادة وغيره : { بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ } أي : أولى بالشيطان .
ومعنى المفتون ظاهر ، أي : الذي قد افتتن عن الحق وضل عنه ، وإنما دخلت الباء في قوله : { بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ } لتدل على تضمين الفعل في قوله : { فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ } وتقديره : فستعلم ويعلمون ، أو : فستُخْبَر ويُخْبَرون بأيكم المفتون . والله أعلم .
واختلف الناس في معنى قوله : { بأيكم المفتون } . فقال أبو عثمان المازني : الكلام تام في قوله : { يبصرون } ، ثم استأنف قوله : { بأيكم المفتون } ، وقال الأخفش : بل الإبصار عامل في الجملة المستفهم عنها في معناها ، وأما الباء فقال أبو عبيدة معمر وقتادة : هي زائدة ، والمعنى : أيكم المفتون{[11236]} . وقال الحسن والضحاك : { المفتون } بمعنى الفتنة ، كما قالوا : ما له معقول{[11237]} ، أي عقل ، وكما قالوا : اقبل ميسوره ودع معسوره ، فالمعنى : { بأيكم } هي الفتنة والفساد الذي سموه جنوناً ، وقال آخرون : { بأيكم } فتن { المفتون } وقال الأخفش ، المعنى : { بأيكم } فتنة { المفتون } ، ثم حذف المضاف وأقيم ما أضيف إليه مقامه ، وقال مجاهد والفراء : الياء بمعنى : في أي ، في أي فريق منكم النوع المفتون .
قال القاضي أبو محمد : وهذا قول حسن قليل التكلف ، ولا نقول إن حرفاً بمعنى حرف ، بل نقول إن هذا المعنى يتوصل إليه ب «في » وبالباء أيضاً ، وقرأ ابن عبلة «في أيكم المفتون » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.