تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{بِأَييِّكُمُ ٱلۡمَفۡتُونُ} (6)

الآيتان 5 و6 وقوله تعالى : { فستبصر ويبصرون } { بأييّكم المفتون } قال جعفر بن حرب : المفتون في هذا الموضع هو المفتون بضلالته المعجب بخطئه المشغوف بجهله .

وقال الحسن : المفتون هو الذي معه الشيطان ، وقيل : المفتون من به الفتنة ، كما يقال : فلان لا معقول له ، أي ليس له عقل . وقيل : المفتون المعذّب كقوله عز وجل : { يوم هم على النار يفتنون } [ الذاريات : 13 ] أي يعذبون ، فكأنه يقول : أيكم المعذب ، وأيكم الضال إن حمل على ما ذكر الحسن ، وأيكم المغتر إن كان معناه على ما ذكروا أن المفتون من الفتنة .

وجائز أن يكون نسبوه على الاغترار في ما كان يدعي من الرسالة ، ويزعمون أنه مغتر بها ، ويغر بها غيره ، كما قال المنافقون : { مّا وعدنا الله ورسوله إلا غرورا } [ الأحزاب : 12 ] .

وحق هذا عندنا ألا نتكلف تفسيره ، لأنه قال : { فستبصر ويبصرون } { بأييكم المفتون } فذكر هذا جوابا عما وقعت فيه الخصومة ، فكانوا يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المفتون ، ورسول /587-أ/ الله صلى الله عليه وسلم

يذكر أنهم هم المفتونون ، فخرج هذا جوابا عن تلك الخصومة أنهم وأنت ستبصرون .

وقد وقعت الخصومات من أوجه : فمرة كانوا يدعون بأنه ساحر ، ومرة يدعون بأنه مجنون ، ومرة [ يدعون ]{[21777]} بأنه ضال ، ومرة [ يدعون ]{[21778]} بأنه مغتر ، وغيرها من الوجوه .

فإذا ثبت أن الآية نزلت في حق الجواب ؛ فمن{[21779]} لم يعلم بأن الخصومة فيم كانت لم يعلم إلى ماذا يصرف الجواب ، والله أعلم .

ويشبه أن تكون الخصومة [ هي ]{[21780]} الواقعة في الضلال والهدى ، فكانوا يدّعون أنهم على الهدى ، وأنهم بالله أحق ، وإليه أقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يدعي أنهم على الضلال ، وأنه على دين الحق والهدى .


[21777]:ساقطة من الأصل و م
[21778]:ساقطة من الأصل و م
[21779]:في الأصل و م: فما
[21780]:ساقطة من الأصل و م