السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{بِأَييِّكُمُ ٱلۡمَفۡتُونُ} (6)

وقوله تعالى : { بأييكم المفتون } فيه أربعة أوجه :

أحدها : أن الباء مزيدة في المبتدأ ، والتقدير : أيكم المفتون ، فزيدت كزيادتها في نحو : بحسبك زيد ، وإلى هذا ذهب قتادة ، قال ابن عادل : إلا أنه ضعيف من حيث إن الباء لا تزاد في المبتدأ إلا في حسبك فقط .

الثاني : أن الباء بمعنى في فهي ظرفية كقولك : زيد بالبصرة ، أي : فيها ، والمعنى : في أي فرقة وطائفة منكم المفتون ، أي : المجنون أفي فرقة الإسلام ، أم في فرقة الكفر ؟ وإليه ذهب مجاهد والفراء .

الثالث : أنه على حذف مضاف ، أي : بأيكم فتن المفتون فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ، وإليه ذهب الأخفش وتكون الباء سببية .

الرابع : أن المفتون مصدر جاء على مفعول كالمقتول والميسور ، والتقدير : بأيكم الفتنة ، وقيل : المفتون المعذب من قول العرب : فتنت الذهب بالنار إذا أحميته ، قال تعالى : { يوم هم على النار يفتنون } [ الذاريات : 13 ] ، أي : يعذبون ، وقيل : الشيطان لأنه مفتون في دينه وكانوا يقولون : إنه به شيطان وعنوا بالمجنون هذا ، فقال تعالى : سيعلمون غداً بأيهم الشيطان الذي يحصل من مسه الجنون واختلاط العقل .

فائدة : { بأييكم } رسمت هاهنا بياءين .