فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{بِأَييِّكُمُ ٱلۡمَفۡتُونُ} (6)

{ بأيكم المفتون } قال الخطيب : ترسم بأيكم ههنا بيائين انتهى ، والباء زائدة للتأكيد ، أي أيكم المفتون بالجنون ، كذا قال الأخفش وأبو عبيدة وغيرهما ، إلا أنه ضعيف من حيث أن الباء لا تزاد في المبتدأ إلا في بحسبك فقط ، وقيل ليست الباء زائدة ، والمفتون مصدر جاء على مفعول ، كالمعقول والميسور ، والتقدير بأيكم الفتون أو الفتنة ، وقال الفراء ومجاهد : إن الباء بمعنى في ، فهي ظرفية ، في أيكم الفتون في الفريق الذي أنت فيه ، أم في الفريق الآخر ، ويؤيد هذا قراءة ابن أبي عبلة بفي .

وقيل في الكلام حذف مضاف ، أي بأيكم فتن المفتون ، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ، روي هذا عن الأخفش أيضا ، تكون الباء سببية وقيل المفتون المعذب . من قول العرب : فتنت الذهب بالنار إذا أحميته ، ومنه قوله تعالى : { يوم هم على النار يفتنون } وقيل المفتون هو الشيطان ، لأنه مفتون في دينه ، والمعنى بأيكم الشيطان ، قال ابن عباس : كانوا يقولون إنه شيطان ، وإنه مجنون ، وعنه قال : المفتون المجنون ، وقال قتادة ومقاتل : هذا وعيد لهم بعذاب يوم بدر ، والمعنى سترى ويرى أهل مكة ، إذا نزل بهم العذاب ببدر بأيكم المفتون .