فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{بِأَييِّكُمُ ٱلۡمَفۡتُونُ} (6)

{ بِأَيّكُمُ المفتون } الباء زائدة للتأكيد : أي المفتون بالجنون ، كذا قال الأخفش ، وأبو عبيدة وغيرهما ومثله قول الشاعر :

نحن بنو جعدة أصحاب العلج *** نضرب بالسيف ونرجو بالفرج

وقيل : ليست الباء زائدة ، والمفتون مصدر جاء على مفعول كالمعقول والميسور ، والتقدير : بأيكم الفتون أو الفتنة ، ومنه قول الشاعر الراعي :

حتى إذا لم يتركوا لعظامه *** لحماً ولا لفؤاده معقولاً

أي عقلا . وقال الفراء : إن الباء بمعنى في : أي في أيكم المفتون ، أفي الفريق الذي أنت فيه أم في الفريق الآخر ؟ ويؤيد هذا قراءة ابن أبي عبلة في أيكم المفتون . وقيل : الكلام على حذف مضاف : أي بأيكم فتن المفتون ، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ، وروي هذا عن الأخفش أيضاً . وقيل : المفتون المعذب ، من قول العرب فتنت الذهب بالنار إذا أحميته ، ومنه قوله : { يَوْمَ هُمْ عَلَى النار يُفْتَنُونَ } [ الذاريات : 13 ] ، وقيل : المفتون هو الشيطان ، لأنه مفتون في دينه ، والمعنى : بأيكم الشيطان . وقال قتادة : هذا وعيد لهم بعذاب يوم بدر ، والمعنى : سترى ويرى أهل مكة إذا نزل بهم العذاب ببدر بأيكم المفتون .

/خ16