تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِذِ ٱلۡأَغۡلَٰلُ فِيٓ أَعۡنَٰقِهِمۡ وَٱلسَّلَٰسِلُ يُسۡحَبُونَ} (71)

{ إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ } التي لا يستطيعون معها حركة . { وَالسَّلَاسِلُ } التي يقرنون بها ، هم وشياطينهم { يُسْحَبُونَ في الحميم }

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِذِ ٱلۡأَغۡلَٰلُ فِيٓ أَعۡنَٰقِهِمۡ وَٱلسَّلَٰسِلُ يُسۡحَبُونَ} (71)

وقوله : { إِذِ الأغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ } أي : متصلة بالأغلال ، بأيدي الزبانية يسحبونهم على وجوههم ، تارة إلى الحميم وتارة إلى الجحيم ؛ ولهذا قال : { يُسْحَبُونَ . فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ } ، كما قال : { هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ } [ الرحمن : 43 ، 44 ] . وقال بعد ذكْره أكلهم الزقوم وشربهم الحميم : { ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإلَى الْجَحِيمِ } [ الصافات : 68 ] وقال { وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ . فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ . وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ . لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ } إلى أن قال : { ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ . لآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ . فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ . فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ . فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ . هَذَا نزلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ } [ الواقعة : 41 - 56 ] . وقال { إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ . طَعَامُ الأثِيمِ . كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ . كَغَلْيِ الْحَمِيمِ . خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ . ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ . ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ . إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ } [ الدخان : 43 - 50 ] ،

أي : يقال لهم ذلك على وجه التقريع والتوبيخ ، والتحقير والتصغير ، والتهكم والاستهزاء بهم .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا أحمد بن منيع ، حدثنا منصور بن عمار ، حدثنا بشير {[25595]} بن طلحة الخزامي ، عن خالد بن دُرَيْك ، عن يعلى بن مُنْيَه - رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال : " ينشئ الله سحابة لأهل النار سوداء مظلمة ، ويقال : يا أهل النار ، أي شيء تطلبون ؟ فيذكرون بها سحاب الدنيا فيقولون : نسأل بَرْد الشراب ، فتمطرهم أغلالا تزيد في أغلالهم ، وسلاسل تزيد في سلاسلهم ، وجمرا يُلْهِبُ النار عليهم " . هذا حديث غريب{[25596]} .


[25595]:- (1) في أ: "بشر".
[25596]:- (2) ورواه الطبراني في الأوسط برقم (4846) وابن عدي في الكامل (6/394) من طريق أحمد بن منيع عن منصور به، وقال الطبراني: "لا يروى إلا بهذا الإسناد تفرد به منصور". وقال الهيثمي في المجمع (10/390): "فيه من فيه ضعف قليل، وفيه من لم أعرفه".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِذِ ٱلۡأَغۡلَٰلُ فِيٓ أَعۡنَٰقِهِمۡ وَٱلسَّلَٰسِلُ يُسۡحَبُونَ} (71)

{ إذ الأغلال في أعناقهم } ظرف ل { يعلمون } إذ المعنى على الاستقبال ، والتعبير بلفظ المضي لتيقنه . { والسلاسل } عطف على { الأغلال } أو مبتدأ خبره { يسحبون } .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِذِ ٱلۡأَغۡلَٰلُ فِيٓ أَعۡنَٰقِهِمۡ وَٱلسَّلَٰسِلُ يُسۡحَبُونَ} (71)

والظرف الذي في قوله : { إذِ الأغلال في أعناقهم } متعلق ب { يعلمون } أي يعلمون في ذلك الزمن . وشأن ( إذْ ) أن تكون اسماً للزمن الماضي واستعملت هنا للزمن المستقبل بقرينة ( سوف ) فهو إما استعمالُ المجاز بعلاقة الإِطلاق ، وإما استعارة تبعية للزمن المستقبل المحقق الوقوع تشبيهاً بالزمن الماضي وقد تكرر ذلك . ومنه اقترانها ب ( يوم ) في نحو قوله : { يومئذ تحدث أخبارها } [ الزلزلة : 4 ] ، وقوله : { يومئذ يفرح المؤمنون بنصر اللَّه } [ الروم : 4 ، 5 ] . وأول ما يعلمونه حين تكون الأغلال في أعناقهم أنهم يتحققون وقوع البعث .

والأغلال : جمع غُل ، بضم العين ، وهو حلقة من قدِّ أو حديد تحيط بالعنق تناط بها سلسلة من حديد ، أو سَير من قِدّ يُمسك بها المجرم والأسير .

والسلاسل : جمع سِلْسِلة بكسر السينين وهي مجموع حلق غليظة من حديد متصل بعضها ببعض .

ومن المسائل ما رأيته أن الشيخ ابن عرفة كان يوماً في درسه في التفسير سئل : هل تكون هذه الآية سنداً لما يفعله أمراء المغرب أصلحهم الله من وضع الجناة بالأغلال والسلاسل جرياً على حكم القياس على فعل الله في العقوبات كما استنبطوا بعض صور عقاب من عمل قوم لوط من الرجم بالحجارة ، أو الإِلقاء من شاهق . فأجاب بالمنع لأن وضع الغل في العنق ضرب من التمثيل وإنما يوثق الجاني من يده ، قال : لأنهم إنما قاسوا على فعل الله في الدنيا ولا يقاس على تصرفه في الآخرة لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الإِحراق بالنار ، وقوله : « إنما يعذب بها رب العزة »