ثم قال تعالى : { إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم } المعنى فسوف يعلمون : إذا ثبتت الأغلال في أعناقهم ماذا ينزل بهم بعد ذلك من العذاب .
وجاءت ( إذ ) وهي لما مضى مع ( سوف ) وهي لما يستقبل ، لأن أفعال الله جل ذكره بعباده {[59893]} في معادهم كالكائنة الحالة بهم لصحة وقوع ذلك وكونه . فأخبر {[59894]} عنها وهي لم تكن بلفظ ما قد كان ، لصحة وقوعها وثبات كونها ، فهي كالكائنة ، فلذلك اجتمعت ( إذ ) و( سوف ) {[59895]} .
ولا يجوز هذا المعنى إلا من الله جل ذكره لأنه يعلم ما يكون في غد كعلمه بما {[59896]} كان في أمس .
قال الحسن : ما في جهنم واد ولا صغارٌ ولا غل ولا قيد ولا سلسلة إلا واسم صاحبه عليه مكتوب .
ومن رفع السلاسل عطفها على الأغلال {[59897]} . ويتم الكلام على السلاسل {[59898]} ويكون يسحبون مستأنفا . فإن جعلته حالا جاز ، ولم تقف على السلاسل {[59899]} .
وقرأ ابن عباس : والسلاسل بالنصب {[59900]} . ( يسحبون ) بفتح الياء {[59901]} والتقدير أنه {[59902]} نصب السلاسل يسحبون {[59903]} .
قال ابن عباس : وذلك أشد عليهم ، يكلفون {[59904]} أن {[59905]} يسحبوها ولا يطيقون {[59906]} .
وأجاز بعضهم والسلاسل بالخفض {[59907]} ، عطف على ( الأعناق ) ، يحمله على المعنى . ( لأن المعنى : أعناقهم في الأغلال والسلاسل ، كما حمل على المعنى ) {[59908]} قول الشاعر :
قد سالم الحيات {[59909]} منه القدما *** الأفعوان والشجاع الشجعما {[59910]} {[59911]} .
لأن ما سالمك فقد سالمته ، فكذلك الأعناق في الأغلال والسلاسل هو مثل الأغلال والسلاسل في الأعناق .
وعلى هذا أجاز الكوفيون : قاتل زيد عمرا العاقلان والعاقلين ، يرفع {[59912]} العاقلين على النعت لهما ، وينصبهما {[59913]} لأنهما فاعلان في المعنى مفعولان . وأجازوا {[59914]} أيضا : قاتل زيد عمرو برفعهما . وفي كتاب الزجاج أن التقدير في جواز خفض السلاسل وفي السلاسل ويسحبون والحميم على تقدير : يسحبون في الحميم والسلاسل {[59915]} . ثم يقدم المعطوف على المخفوض . وهو غلط لأن المعطوف على ما فيه حرف الجر لا يقدم . لم يجز أحدٌ مررت {[59916]} وزيد بعمرو {[59917]} . إنما أجازوا هذا {[59918]}/ في المرفوع ، نحو : قام وزيد عمرو {[59919]} . استقبحوه {[59920]} في المنصوب . نحو : رأيت وزيدا عمرا {[59921]} ، ولم يجيزوه في المخفوض البتة لأن الفعل غير دال {[59922]} عليه {[59923]} .
ثم قال تعالى { ثم في النار يسجرون } قال {[59924]} السدي : يسجرون : يحرقون {[59925]} .
وقال ابن زيد : توقد {[59926]} عليهم .
وأصله من الملء ، يقال : سجرت الشيء إذا ملأته ومنه { والبحر المسجور } {[59927]} .
فيكون المعنى على هذا . ثم تملأ {[59928]} بهم النار ، ومعناه ، ثم تملأ {[59929]} بهم النار كما يملأ التتنور بالحطب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.