تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَمۡ حَسِبۡتُمۡ أَن تَدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ وَلَمَّا يَعۡلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ مِنكُمۡ وَيَعۡلَمَ ٱلصَّـٰبِرِينَ} (142)

ثم قال تعالى : { أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين } هذا استفهام إنكاري ، أي : لا تظنوا ، ولا يخطر ببالكم أن تدخلوا الجنة من دون مشقة واحتمال المكاره في سبيل الله وابتغاء مرضاته ، فإن الجنة أعلى المطالب ، وأفضل ما به يتنافس المتنافسون ، وكلما عظم المطلوب عظمت وسيلته ، والعمل الموصل إليه ، فلا يوصل إلى الراحة إلا بترك الراحة ، ولا يدرك النعيم إلا بترك النعيم ، ولكن مكاره الدنيا التي تصيب العبد في سبيل الله عند توطين النفس لها ، وتمرينها عليها ومعرفة ما تئول إليه ، تنقلب عند أرباب البصائر منحا يسرون بها ، ولا يبالون بها ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَمۡ حَسِبۡتُمۡ أَن تَدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ وَلَمَّا يَعۡلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ مِنكُمۡ وَيَعۡلَمَ ٱلصَّـٰبِرِينَ} (142)

ثم قال : { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ } أي : أحسبتم أن تدخلوا الجنة ولم تُبْتَلوا بالقتال والشدائد ، كما قال تعالى في سورة البقرة : { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ " [ البقرة : 214 ] وقال تعالى : { الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ } [ العنكبوت : 1 - 3 ] ؛ ولهذا قال هاهنا : { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ } أي : لا يحصل لكم دخول الجنة حتى تُبْتَلَوا ويرى الله منكم المجاهدين في سبيله والصابرين على مقارنة الأعداء .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَمۡ حَسِبۡتُمۡ أَن تَدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ وَلَمَّا يَعۡلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ مِنكُمۡ وَيَعۡلَمَ ٱلصَّـٰبِرِينَ} (142)

{ أم حسبتم أن تدخلوا الجنة } : بل أحسبتم ومعناه الإنكار . { ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم } : ولما تجاهدوا ، وفيه دليل على أن الجهاد فرض كفاية ، والفرق بين { لما } ولم ، أن ''لما'' فيه توقع الفعل فيما يستقبل . وقرئ { يعلم } بفتح الميم على أن أصله يعلمن فحذفت النون ، { ويعلم الصابرين } : نصب بإضمار أن على أن الواو للجمع . وقرئ بالرفع على أن الواو للحال كأنه قال : ولما تجاهدوا وأنتم صابرون .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَمۡ حَسِبۡتُمۡ أَن تَدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ وَلَمَّا يَعۡلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ مِنكُمۡ وَيَعۡلَمَ ٱلصَّـٰبِرِينَ} (142)

{ أم } : هي بمعنى الإضراب عن الكلام الأول والترك له ، وفيها لازم معنى الاستفهام ، فلذلك قدرها سيبويه ببل وألف الاستفهام ، و { حسبتم } معناه ظننتم . وهذه الآية وما بعدها تقريع وعتب لطوائف المؤمنين الذين وقعت منهم الهفوات المشهورة في يوم واحد ، وقوله : { ولما يعلم } نفي مؤكد وهو معادل لقول القائل : قد كان كذا ، فلما أكد هذا الخبر الموجب ، بقد ، أكد النفي المعادل له ب ( لما ) ، وإذا قال القائل : كان كذا ، فمعادله لم يكن دون تأكيد في الوجهين ، قاله سيبويه : وقرأ جمهور الناس : بكسر الميم للالتقاء في قوله : { ولما يعلم } وقرأ يحيى بن وثاب وإبراهيم النخعي : «ولما يعلم » بفتح الميم إتباعاً لفتحة اللام ، وقرأ الجمهور «ويعلمَ » على النصب بإضمار - أن- عند البصريين ، وبواو الصرف عند الكوفيين وروي عن أبي عمرو بن العلاء أنه قرأ : «ويعلمُ » بالرفع على استئناف الفعل ، وقرأ الحسن بن أبي الحسن ويحيى بن يعمر وأبو حيوة وعمرو بن عبيد : «ويعلمِ » بكسر الميم جزماً معطوفاً على قوله { ولما يعلم } .