تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَمۡ حَسِبۡتُمۡ أَن تَدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ وَلَمَّا يَعۡلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ مِنكُمۡ وَيَعۡلَمَ ٱلصَّـٰبِرِينَ} (142)

الآية 142 وقوله تعالى { أم حسبتم أن تدخلوا الجنة } قيل : بل { حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم } ( قيل فيه بوجهين :

أحدهما : أي لم يجاهدوا .

والثاني{[4464]} { لما يعلم } بمعنى إلا أن يعلم يعني ) {[4465]} لا تدخلوا الجنة إلا أن يعلم الله الذين جاهدوا منكم ، وهو كقوله عز وجل : { وإن كل نفس لما عليها حافظ } ( الطارق 4 ) من قرأ بالتشديد فمعناه{[4466]} :

إلا عليها حافظ ومن قرأ بالتخفيف فمعناه لعليها حافظ وما صلة{[4467]} .

وفي قوله عز وجل أيضا : { أم حسبتم أن تدخلوا الجنة } أي ظننتم ذلك { ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم } وقال في موضع آخر : { أو لما أصابتكم مصيبة } آل عمران 165 ) بمعنى أَوَلَمْ تجاهدوا أَوَلَم يصبْكم مثل الذي ذكر ففي ذلك وعد أن يصيب أولئك الذين خاطبهم به ما أصاب من تقدمهم ، وأن الله قد يعلم أنهم يجاهدون قبل الموت . وعلى هذا قال قوم في تأويل قوله عز وجل : { صدقوا ما عاهدوا الله } ( الأحزاب 23 ) أن يدخلوا الجنة إذا أصاب مثل قوله عز وجل { إن كل نفس لما عليها حافظ } ( الطارق 4 ) بالتشديد{[4468]} إلا عليها حافظ فيكون بمعنى الإضمار : أي لا تدخلوا إلا أن يعلم الله الذين جاهدوا منكم وقد بينا ما في العلم في الحرف الأول ( أن له وجهين ) {[4469]} أيضا :

أحدهما : أن الله لم يعلم بذلك وهو العالم بكل شيء فلو كان لكان يعلم .

والثاني : ان يعلموا أن يكونوا لم يجاهدوا بعد ، وسيجاهدون على ما بينا والله اعلم .


[4464]:في الأصل: أي لم يجدوا وقيل، في م: قيل فيه بوجهين أي لم يجدوا وقيل
[4465]:في الأصل و م: ولما بمعنى غلا ليعلم بمعنى.
[4466]:في الأصل و م: فكان معناه.
[4467]:انظر حجة القراءات ص.
[4468]:انظر الحاشية السابقة.
[4469]:في الأصل و م: على أن له وجهان