فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَمۡ حَسِبۡتُمۡ أَن تَدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ وَلَمَّا يَعۡلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ مِنكُمۡ وَيَعۡلَمَ ٱلصَّـٰبِرِينَ} (142)

( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ) : كلام مستأنف لبيان ما ذكر من التمييز ، وأم هي المنقطعة المقدرة ببل والهمزة للإنكار ، والمعنى لا تحسبوا أيها المؤمنون ان تنالوا كرامتي وثوابي ( ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ) قال الرازي : أي ولما يصدر الجهاد عنكم ، وهذا ظاهر الآية والمراد ان العلم متعلق بالمعلوم .

وقال الواحدي : المعنى على الجهاد دون العلم أي لما يكن المعلوم من الجهاد الذي أوجب عليكم وقال الطبري : ولما يتبين لعبادي المؤمنين المجاهد منكم على ما أمرته به ، وقال أبو السعود : نفي العلم كناية عن نفي المعلوم لما بينهما من اللزوم المبني على لزوم تحقق الأول لتحقق الثاني ضرورة استحالة شئ بدون علمه تعالى به .

وإنما وجه النفي إلى الموصوفين مع أن المنفي هو الوصف فقط وكان يكفي أن يقال ولما يعلم الله جهادكم كناية عن معنى ولما تجاهدوا للمبالغة في بيان انتفاء الوصف وعدم تحققه أصلا انتهى ، ولما بمعنى لم عند الجمهور ، وفرق سيبويه بينهما فجعل لم لنفي الماضي ، ولما لنفي الماضي والمتوقع ، ففيه إيذان بأن الجهاد متوقع منهم فيما يستقبل إلا أنه غير معتبر في تأكيد الإنكار .

( ويعلم الصابرين ) الواو للجمع قاله الخليل وغيره ، وقال الزجاج بمعنى حتى ، وقال الزمخشري للحال ، والمعنى أم حسبتم ان تدخلوا الجنة والحال أنه لم يتحقق منكم الجهاد والصبر أي الجمع بينهما وفي الآية معاتبة لمن انهزم يوم أحد .