تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيۡكَ إِعۡرَاضُهُمۡ فَإِنِ ٱسۡتَطَعۡتَ أَن تَبۡتَغِيَ نَفَقٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ أَوۡ سُلَّمٗا فِي ٱلسَّمَآءِ فَتَأۡتِيَهُم بِـَٔايَةٖۚ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَمَعَهُمۡ عَلَى ٱلۡهُدَىٰۚ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡجَٰهِلِينَ} (35)

{ وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ } أي : شق عليك ، من حرصك عليهم ، ومحبتك لإيمانهم ، فابذل وسعك في ذلك ، فليس في مقدورك ، أن تهدي من لم يرد الله هدايته .

{ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ } أي : فافعل ذلك ، فإنه لا يفيدهم شيئا ، وهذا قطع لطمعه في هدايته أشباه هؤلاء المعاندين .

{ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى } ولكن حكمته تعالى ، اقتضت أنهم يبقون على الضلال . { فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ } الذين لا يعرفون حقائق الأمور ، ولا ينزلونها على منازلها .

{ 36 ، 37 } { إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ * وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ }

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيۡكَ إِعۡرَاضُهُمۡ فَإِنِ ٱسۡتَطَعۡتَ أَن تَبۡتَغِيَ نَفَقٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ أَوۡ سُلَّمٗا فِي ٱلسَّمَآءِ فَتَأۡتِيَهُم بِـَٔايَةٖۚ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَمَعَهُمۡ عَلَى ٱلۡهُدَىٰۚ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡجَٰهِلِينَ} (35)

ثم قال تعالى : { وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ } أي : إن كان شق عليك إعراضهم عنك { فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ } قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : النَّفقُ : السّرْب ، فتذهب فيه { فَتَأْتِيَهُمْ{[10663]} بِآيَةٍ } أو تجعل لك سلمًا في السماء فتصعد فيه فتأتيهم{[10664]} بآية أفضل مما آتيتهم به ، فافعل .

وكذا قال قتادة ، والسُّدِّي ، وغيرهما .

وقوله : { وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ } كما قال تعالى : { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا [ أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ] {[10665]} } [ يونس : 99 ] ، قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : { وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى } قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحرص أن يؤمن جميع الناس ويتابعوه{[10666]} على الهدى ، فأخبر الله أنه لا يؤمن إلا من قد سبق له من الله السعادة في الذكر الأول .


[10663]:في أ: "فيذهب فيه "فيأتيهم".
[10664]:في أ "فيصعد فيه فيأتيهم".
[10665]:زيادة من م، أ، وفي هـ: "الآية".
[10666]:في م: "ويبايعوه".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيۡكَ إِعۡرَاضُهُمۡ فَإِنِ ٱسۡتَطَعۡتَ أَن تَبۡتَغِيَ نَفَقٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ أَوۡ سُلَّمٗا فِي ٱلسَّمَآءِ فَتَأۡتِيَهُم بِـَٔايَةٖۚ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَمَعَهُمۡ عَلَى ٱلۡهُدَىٰۚ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡجَٰهِلِينَ} (35)

{ وإن كان كبر عليك } عظم وشق . { إعراضهم } عنك وعن الإيمان بما جئت به . { فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء فتأتيهم بآية } منفذا تنفذ فيه إلى جوف الأرض فتطلع لهم آية ، أو مصعدا تصعد به إلى السماء فتنزل منها آية ، وفي الأرض صفة لنفقا وفي السماء صفة لسلما ، ويجوز أن يكونا متعلقين بتبتغي أو حالين من المستكن وجواب الشرط الثاني محذوف تقديره فافعل ، والجملة جواب الأول والمقصود بيان حرصه البالغ على إسلام قومه ، وأنه لو قدر أن يأتيهم بآية من تحت الأرض أو من فوق السماء لأتى بها رجاء إيمانهم { ولو شاء الله لجمعهم على الهدى } لوفقهم للإيمان حتى يؤمنوا ولكن لم تتعلق به مشيئته ، فلا تتهالك عليه والمعتزلة أولوه بأنه لو شاء لجمعهم على الهدى بأن يأتيهم بآية ملجئة ولكن لم يفعل لخروجه عن الحكمة . { فلا تكونن من الجاهلين } بالحرص على ما لا يكون ، والجزع في مواطن الصبر فإن ذلك من دأب الجهلة .