غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيۡكَ إِعۡرَاضُهُمۡ فَإِنِ ٱسۡتَطَعۡتَ أَن تَبۡتَغِيَ نَفَقٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ أَوۡ سُلَّمٗا فِي ٱلسَّمَآءِ فَتَأۡتِيَهُم بِـَٔايَةٖۚ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَمَعَهُمۡ عَلَى ٱلۡهُدَىٰۚ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡجَٰهِلِينَ} (35)

25

وكان يكبر على النبي صلى الله عليه وسلم كفر قومه وإعراضهم عما جاء به فنزلت { وإن كان كبر } أي شق { عليك إعراضهم } عن الإيمان وصحة القرآن { وإن استطعت أن تبتغي نفقاً في الأرض أو سلماً في السماء فتأتيهم بآية } فافعل . يعني أنك لا تستطيع ذلك والجواب محذوف وحسن للعلم به . والنفق سرب في الأرض له مخلص إلى مكان ومنه اشتقاق المنافق . والسلم واحد السلاليم التي يرتقي عليها وأصله من السلامة كأنه يسلمك إلى مصعدك . والمراد بيان حرصه على إسلام قومه وأنه لو استطاع أن يأتي بآية من تحت الأرض أو من فوق السماء لأتى بها وبكل ما اقترحوه رجاء إيمانهم ، ويجوز أن يكون ابتغاء النفق أو السلم هو الآية كأنه قيل : لو استطعت ذلك لفعلت كل ذلك ليكون لك آية يؤمنون عندها ، ثم قال { ولو شاء الله لجمعهم على الهدى } قال أهل السنة : فهو دليل على أنه تعالى لا يريد الإيمان من الكافر . وقالت المعتزلة : المراد مشيئة الإلجاء المنافي للتكليف . والإلجاء هو أن يعلمهم أنهم لو حاولوا غير الإيمان لمنعهم منه فيضطرون إلى الإيمان . مثاله : أن يحصل شخص بحضرة السلطان وهناك خدمه وحشمه فيعلم أنه لو هم بقتل ذلك السلطان لقتلوه في الحال فيصير هذا العلم مانعاً له من القتل . وعورض بالعلم والداعي كما مر مراراً . أما قوله { فلا تكونن من الجاهلين } أي من الذين يرومون خلاف مأمور الله . فهذا النهي لا يقتضي إقدامه على مثل هذه الحالة ولكنه يفيد التغليظ وتأكيد الامتناع عن الجزع والإضراب عن الحزن والأسف على إيمان من لم يشأ الله إيمانه .

/خ37